للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففلاسفة اليابان الذين كانوا ينتمون إلى مدرسة "أويومي" اقتفوا أثر "وانج" في استدلال الصواب والخطأ الأخلاقيين من ضمير الفرد، أكثر مما عمدوا في ذلك إلى تقاليد المجتمع وتعاليم الحكماء الأقدمين، يقول "ناكايي توجو" (١٦٠٨ - ٤٨): "لقد لبثت أعواماً طوالاً أؤمن إيماناً قوياً في "شوشي" حتى شاءت رحمة الله أن ترد إلى اليابان لأول مرة مؤلفات "أويومي"، ولولا ما استقيته من تعاليمها، لظلت حياتي فارغة جدباء" (١١٠)، وعلى ذلك أخذ "ناكايي" على نفسه أن يبشر بوحدانية مثالية، تذهب إلى أن العالم وحدة من "كي" و "ري"- أي وحدة من الأشياء الجزئية (أو الأعراض) والعقل أو القانون؛ والله، وهذه الوحدة شيء واحد؛ فعالم الأشياء جسده والقانون الكوني روحه (١١١)، فقد جرى "ناكايي" مجرى "سبينوزا" و "وانج يانج منج" و "الفلاسفة المدرسيين في أوربا" في قبوله لهذا القانون الكوني بشيء من الحب العقلي، واعتبر الخير والشر لفظتين بشريتين، ووجهة نظر ذاتية لا تعبر عن حقائق موضوعية، وهو كذلك يشبه "سبينوزا" شبهاً عجيباً في أنه رأى معنى من معاني الخلود في الوحدة التأملية التي تدمج روح الفرد في قانون العالم، أي عقل العالم الذي لا يخضع لقيود الزمان:

"إن عقل الإنسان هو عقل العالم الذي يخضع في سيره لمنطق العقل، لكن هناك عقلاً آخر يسمى بالضمير، وهذا هو الجانب الذي لا ينتمي إلى عالم الأشياء بل هو لا نهائي وأبدي، لأنه لما كان الضمير فينا هو نفسه العقل الإلهي أو الكوني، كان بغير بداية أو نهاية، فإذا ما سلكنا في أفعالنا مهتدين بهذا الجانب من العقل، أي بالضمير كنا بمثابة التجسيد اللانهائي والأبدي، وكانت لنا حياة خالدة إلى الأبد" (١١٢).

كان "ناكايي" رجلاً له إخلاص القديسين، لكن فلسفته لم تصادف هوى لا عند الشعب ولا عند الحكومة، فقد ارتعدت حكومة الحكام