ففكرة التثليث أو وجود أرباب (أقانيم) ثلاثة التي ظهرت بعد ذلك ليست سوى تخفيض أو تنقيص للتعددية السابقة التي كانت تقول بوجود نحو عشرين ألف أو ثلاثين ألف رب. وقد حل تمثال مريم (العذراء) محل تمثال ديانا الإفسوسية Diane of Ephesus، وحل تأليه الأبطال heroes محل تقديس القديسين (المصطلح المسيحي canonization يعني ضم شخص ما إلى قائمة القديسين). فالمؤمنون بالأساطير (الميثولوجيون) لديهم آلهة (أرباب) لكل شيء، والمسيحيون المؤمنون بالأساطير عندهم قديسون لكل شيء، وأصبحت الكنيسة مزدحمة بهم كما كان البانثيون Pantheon مزدحما بالآلهة.
فالنظرية (العقيدة) المسيحية لا تختلف إلا قليلا عن وثنية الميثولوجيين Mythologists القدماء بعد تحويرها (أي العقيدة المسيحية) لتخدم أغراض السلطة والدخل (الاقتصاد) وبقي على العقل والفلسفة أن يبطلا هذا الدجل المبهم. ثم راح بين Paine يلقي أضواءه البحثية مستخدما العقل في سفر التكوين (السفر الأول في التوراة) ولم يطق صبرا على حكاياته الرمزية وأمثاله فهوى بمعوله على حواء والتفاحة.
وكان مثل ميلتون Milton مفتونا بالشيطان أول الثائرين لقد كان الشيطان (إبليس) ملكاً أُدْخِل جهنم لمحاولته الإطاحة بالعرش، وفي جهنم ظل يعاني طول الوقت بلا نهاية. ومع هذا فلا بد أن يهرب من هذه النار التي لا تخمد (جهنم) في وقت أو آخر لأنه كان قد وجد طريقه إلى جنة عدن، ولأنه استطاع غواية (الناس) بأكثر الطرق التواء. لقد استطاع أن يقدم المعرفة لحواء ونصف عالم المسيح.
ويعجب بين Paine من أن الميثولوجيا المسيحية قد أضفت على الشيطان (إبليس) شرفاً كبيرا. إنها تفترض أنه أجبر الله (عز وجل) على إرسال ابنه (المقصود المسيح) لبلاد اليهودية Judea ليُصلَب، وذلك ليعيد له (المقصود لله سبحانه) على الأقل جزءا من أهل الأرض كانوا على علاقة حب - بشكل واضح - مع الشيطان. ورغم صلب المسيح فلازال الشيطان يحتفظ لنفسه بكل الممالك غير المسيحية بل وله ملايين من الأتباع في الممالك المسيحية نفسها.
كل هذا - كما يقول مفكرنا المتشكك توماس - تُقدمه لنا بوقار شديد - على لسان