نقل رفاته إلى إنجلترا، حيث لعبت روحه غير الواهنة - من خلال كتبه - دورا في المعارك الطوال التي تمخض عنها صدور مرسوم الإصلاح Reform Act في سنة ١٨٣٢.
ورغم أن بين Paine كان من القائلين بوجود إله (دون إيمان بأديان منزلة) ولم يكن ملحدا إلا أن كثيرين من المؤمنين بالمسيحية شعروا أن إيمانه بوجود إله لم يكن إلا غطاء مهذبا لعدم إيمانه برب متجسد (المسيح كرب) وقدم وليم بالي William Paley كاهن أسقفية ويرموث Wearmouth دفاعا مقتدرا عن عقيدته في كتابه نظرة في البراهين على المسيحية (١٧٩٤) لدرجة أن قراءة هذا الكتاب ظلت حتى سنة ١٩٠٠ شرطا للقبول في جامعة كمبردج وكان كتابه لاهوت الطبيعة Natural history (١٨٠٢) لا يزال هو الأكثر شهرة فهو كتاب يبحث في البرهنة على وجود قوة ذكية علوية بتجميع براهين وأدلة من العلوم المختلفة. لقد قال:
"برهنا إذا رأى إنسان ساعة ولم يكن قد سبق له رؤية ساعة من قبل، ألن يتفحص ماكينتها، ويضع في اعتباره أن كائنا ذكيا صممها؟! ثم أليس في الطبيعة مئات العمليات تشير إلى تنظيم الوسائل لتحقيق الأثر المطلوب؟! فمن ناحية نحن نرى قوة ذكية ترتب نظام الكواكب … ومن ناحية أخرى فإنها - أي هذه القوة الذكية تقدم العملية (الميكانيكية) المناسبة لحركة جناحي الطائر الطنان وحركة ريشه … فكل جسم طبيعي متسق، بما ينطوي عليه من إمكانية حفظ نوعه وكيانه وإمكانية تكاثره يشهد بعناية الخالق وتوجيهه لتحقيق أهدافه ".
وبدأ نصف المتعلمين في إنجلترا بمناقشة كتب بالي Paley وساعته، وتحدث كولردج ووردزورث وهازلت Hazlitt عنها في مناقشة حيّة في كزويك Keswick. لقد عاش كتاب اللاهوت الطبيعي Natural Theology طويلا، بل إن دارون العظيم نفسه درسه بعناية قبل صياغة نظريته المنافسة عن تكيف الأعضاء وتطورها لتحقيق الغايات المطلوبة وأن البقاء للأصلح من خلال الانتخاب الطبيعي. وبعد بالي Paley بقرن جاء هنري بيرجسون Henri Bergson ليفيد - ببلاغة - صياغة برهان من تصميم الكون في كتابه " L'Evolution Creatrice" الصادر في سنة ١٩٠٦. واستمر الجدل.