فن الحكم (فن إدارة شؤون الدولة) ويتوقف غير بعيد عن تناول الرب (الله). لقد احتقر خرافات الجنة والجحيم كأدوات (وسائل) واضحة لتسهيل أمور الحكم وفرض الطاعة. وأدان الإكليروس (رجال الدين) الذين يقسمون على قبولهم الإيمان الرسمي المصاغ في تسع وثلاثين مادة (قانون الإيمان) بينما هم يتخلون عنه فيما بينهم وبين أنفسهم.
لقد رفض حرية الإرادة free will والإرادة نفسها إذا جرى فهمها كسلطة أو صلاحية أو مقدرة مميزة أو استثنائية. إنها بالنسبة إليه مجرد مصطلح مجرد للاستجابات الواعية للمواقف والرغبات والحوافز أو المثيرات. وما دامت الأفعال مقررة سلفاً بفعل الوراثة والخبرة الفردية والظروف الحالية فلا بد أن نواجه أخطاء الآخرين بدون غضب أو اتهام مضاد وإنما لا بد من إصلاح نظامنا العقابي ليكون مبنياً على الإصلاح أو إعادة التأهيل أكثر من أن يكون مبنيا على العقاب، وعلى أية حال، فإنه قد يكون من الضروري أن نستخدم المديح واللوم والعقاب كوسائل معينة على الإصلاح مستقبلا.
ما هو الذي سنمتدحه وما هو الذي سندينه؟ سنمتدح ما هو حسن وسندين ما هو قبيح، فما هو الحسن؟ لقد سار جودوين على خطى هلفيتيوس (١٧٥٨) وبنثام Bentham (١٧٨٩) فعرف الحسن (الخير) بأنه ما يزيد سعادة الفرد والجماعة وعرف السعادة بأنها بهجة الجسد والنفس والعقل والمشاعر، بهجة سوية، وهذه الفلسفة الأخلاقية ليست حسية جسدية (شهوانية) وليست هي فلسفة اللذة لأنها تجعل المباهج العقلية فوق مباهج الحواس. إنها ليست أنانية (ذاتية تتحلق حول الأنا) لأنها تقول بأن الفرد جزء من جماعة لأن صلاح الجماعة شرط لأمان الأفراد الذين يكوّنون هذه الجماعة، ولأن من بين أرقى أنواع المباهج إسهام الأفراد في إسعاد رفاقهم في الجماعة. فغرائزنا الاجتماعية تؤدي إلى قيامنا بأفعال غير أنانية (منطوية على حب الغير) وهذه الأفعال يمكن أن تمنحنا مسرة تفوق أي بهجة حسية أو عقلية وأكثر دواماً منها. فأن تكون شفوقا رحيما يعني أن تكون سعيدا، وأن تنزع منك الرحمة يعني أن تكون بائسا.
"فالأخلاق - علم السعادة البشرية - هي المبدأ الذي يربط الفرد بجنسه البشري وهي الدوافع التي تعمل على حثنا على تعديل سلوكنا وجعله على نحو أمثل لتحصيل مزايا يجنيها الجميع ".