للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالتوس الاضطراب والفزع في صفوف الليبراليين، فاستغرق جودوين عشرين عاما لإعداد رده وأخيرا أصدر كتابة عن السكان، رد على مالتوس (١٨٢٠) وكان في غالبه تكراراً لآماله وشكوى من أن مالتوس حول أصدقاء التقدم إلى رجعيين. وكان وليم هازلت Hazlitt استثناء: ففي مقال عن مالتوس في كتاب روح العصر The spirit of the Age (١٨٢٤) هاجم هذه القدسية التي لا تعرف الرحمة أو بتعبير آخر هاجم نسبة القسوة إلى الله بكل ما أوتي من طاقة عقلية وحدة في الذهن. لقد ذكر: "أن خصوبة النبات تفوق كثيرا خصوبة النساء فالحبوب ستتكاثر وتتضاعف أسرع بكثير جدا من زيادة الجنس البشري، فمقدار بوشل bushel (مكيال للحبوب يساوي ثمانية جالونات أو نحو ٣٢ لترا ونصف اللتر) يزرع حقلا، وهذا الحقل سيثمر حبوبا تكفي لزراعة عشرين حقلا آخر". ستكون هناك ثورات خضراء green revolutions .

وفي أوقات لاحقة راح الكتاب يجمعون الحقائق لإبطال مخاوف مالتوس وتسكينها. ففي أوروبا والصين والهند زاد السكان لأكثر من الضعف بعد مالتوس، ومع هذا كان لديهم من موارد الطعام أكثر من ذي قبل. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تضاعف السكان عدة مرات منذ سنة ١٨٠٠ ومع ذلك زاد الإنتاج الزراعي عن الحاجة وتبقى فائض وفير للتصدير. وعلى العكس مما قاله مالتوس أدى ارتفاع الأجور إلى انخفاض نسبة المواليد. فلم تعد المشكلة نقصا في البذور أو الحقول وإنما نقصا في الطاقة غير البشرية (الآلية) لاستخدامها في الزراعة والصناعة، وإمداد القرى والمدن.

وبطبيعة الحال فإن الإجابة الحقيقية بالنسبة إلى مالتوس كانت هي منع الحمل - لقبوله على المستوى الأخلاقي، ولانتشاره وكفايته وقلة تكلفته. لقد حطمت علمانية الفكر الحواجز اللاهوتية التي وضعها رجال الدين في وجه ضبط النسل. لقد حولت الثورة الصناعية الأطفال من موجودات اقتصادية ذات نفع كما كان الحال عند عملهم في المزارع إلى موجودات معوقه اقتصاديا في المدن إذ راح تشغيل الأطفال ينقص تدريجيا، وارتفعت تكاليف التعليم وزاد ازدحام المناطق الحضريّة. وانتشر الوعي (الذكاء) فقد تحقق الرجال والنساء أن الأحوال التي تغيرت لم تعد تتطلب أسرة كبيرة العدد.

وحتى الحروب لم تعد