تتطلب حشوداً من الشباب ينتشرون في مواجهة حشود أخرى ليلقوا مصرعهم بقدر ما أصبحت في حاجة إلى الابتكار التقني لتحقيق التدمير المادي. وعلى هذا فالرد على مالتوس لم يكن متمثلاً في نظريات جودوين وإنما من المالتوسيين الجدد Neo Malthusians ودعوتهم إلى ضبط النسل.
وفي سنة ١٨٢٢ نشر فرانسيس بلاس Place كتابيه توضيحات وبراهين حول قضية السكان. لقد وافق على المبدأ الذي وضعه مالتوس والذي مؤداه أن السكان يزيدون بمعدل أسرع من زيادة مقادير الطعام. ووافق على ضرورة وضع قيود على الزواج لكن ليس بتأجيله وإنما الأفضل قبول منع الحمل كبديل شرعي ومقبول - نسبيا - من الناحية الأخلاقية لمواجهة الخصوبة الطبيعية العمياء (غير الموجهة) والتدمير الجماعي الذي تسببه الحروب.
(وكان هو نفسه قد أنجب خمسة عشر طفلا مات منهم خمسة في مرحلة الطفولة) وقد وزع في لندن نشرات طبعها على نفقته الخاصة يدعو فيها لضبط النسل وواصل معركته (دعوته) هذه حتى موته وهو في الثالثة والثمانين من عمره (مات سنة ١٨٥٤). ولقد عاش مالتوس عمرا طويلا يسمح له بالشعور بمدى قوة حجج بلاس Place. وفي سنة ١٨٢٤ ساهم في دائرة المعارف البريطانية بمقال راجع فيه نظريته وتراجع عن نِسَبه الرياضية المرعبة، وركز - بشكل جديد - على زيادة عدد السكان كعامل في النضال من أجل الوجود. وبعد ذلك بسنوات طوال كتب تشارلز دارون في سيرته الذاتية:
"في أكتوبر سنة ١٨٣٨ بعد أن بدأت بحثي النظامي بخمسة عشر شهرا، حدث أن قرأت - ترفيها عن نفسي - كتاب مالتوس عن السكان وكنت مهيأ لتقدير قيمة الصراع من أجل البقاء … من خلال ملاحظاتي المستمرة الطويلة لعادات الحيوانات والنباتات. لقد أذهلني ذات مرة أنه في ظل هذه الظروف فإن التغييرات الملائمة (المناسبة) ستتسبب حفظ النوع، والتغييرات غير الملائمة ستؤدي إلى التدمير. ونتيجة هذه العملية هو ظهور أجناس جديدة. وهنا أمسكت بنواصي نظرية البقاء للأصلح"
وعلى هذا وبعد نحو جيل استمر فيه المزيد من البحوث والتأمل والتفكير نشر دارون في سنة ١٨٥٩ كتابه أصل الأنواع The Origin of species وهو الكتاب الأكثر تأثيرا في