للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسي خائفا مرتجفا: نعم إن هذه الثقة وهذا الاعتزاز المصحوب بالخوف يمكن أن يكون ينبوعا للإنجاز".

لقد جلب إلى عمله الروح العملية (الواقعية) وسيف النظام والمنطق (العقل). لقد امتعض من التجريدات شديدة الوطأة، امتعض من المجردات كالواجب والشرف والسلطة والحق. لقد أراد أن يحولها إلى حقائق مشخصة (محددة) وأن يفحص كل جزء ليعرضه على الحقيقة من خلال وجهة نظر ثاقبة مثابرة. فما هو الحق - على سبيل المثال؟ أهو طبيعي natural - شيء مرتبط بنا منذ الميلاد كما افترض إعلان حقوق الإنسان الذي أصدرته الثورة الفرنسية؟ أم أنه مجرد حرية فردية تابعة للصالح العام أو في إطار الصالح العام؟ ما هي المساواة؟ آثمة شيء اسمه المساواة خارج نطاق المفاهيم الرياضية المجردة؟ هل التفاوت (عدم المساواة) قدر لا فكاك منه لكل كائن حي سواء عدم المساواة في القدرات أو الممتلكات أو السلطان؟. ما هو القانون الطبيعي؟ وما هي الحصافة أو الفطرة السليمة Common sense؟ كل هذه المجردات - في رأي بنثام هراء تضلل به الجامعات والبرلمانات والمحاكم.

وقد يمكننا أن نتخيل ما أحدثه هذا الواقعي realist في اللاهوت السائد في عصره وفي بلاده. إنه لم يجد جدوى في الإلوهية التقليدية عند محاولته النظر بتجرد إلى عالم العلم أو التاريخ أو الاقتصاد أو الحكم. لقد حاول أن يمسك لسانه الحاد الذَّرِب عن هذه الأمور لأنه شعر أن الكنيسة الإنجليكانية تعد كنيسة عقلية (تحترم العقل) بالنسبة إلى غيرها من الكنائس، وقد تكون خيِّرة، لكن الإكليروس (رجال الدين) شعروا بخصومته الصامتة وشجبوا مذهبه النفعي his utilitarianism تماما باعتباره فلسفة إلحادية godless philosophy

لقد بدأ بمحاولة عزل بلاكستون كاقتصادي يقوم بدور في نسج الدستور البريطاني، لقد بدا له هذا الوجود الباطني (الغامض) كخليط وناتج عتيق (عفا عليه الزمن) لمصادفات وأمور عارضة يتسم بالتناقض والتنقيحات المتعجلة غير قائم على منطق ولا أساس، وعلى هذا أصدر بنثام واحدة من الشرارات من سندانه، إنه كتابه A fragment on government) ١٧٧٦) - كأول سهم تطلقه الراديكالية الفلسفية philosophical