radicalism التي كان عليها أن تناضل طوال نصف قرن قبل أن تحرز نصف انتصار في سنة ١٨٣٢.
وفي الوقت الذي قام فيه هذا المتحدي البالغ من العمر ثمانية وعشرين عاما بامتداح بلاكستون لأنه علّم عِلْم القانون أن ينطق لغة الباحثين والسادة الأماجد gentlemen إلا أنه لامه لأنه قلص الدستور فجعله لا ينص إلا على سلطة الملك المطلقة. وعلى العكس من ذلك فالدستور السليم (الذي يميز الخطأ من الصواب) هو الذي يوزع سلطات الحكومة بين أجزائها (مكوناتها) المختلفة، وسيسهل تعاونها وفرضها للقيود المتبادلة - فالمبدأ الهادي للمشرعين يجب ألا يكون هو الرغبة في الهيمنة وإنما تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس فهؤلاء الناس هم هدف التشريع والتشريع لم يوضع إلا لهم، والاختبار الصحيح لأي قانون مقترح هو مدى نفعه لتحقيق هذه الغاية (إسعاد أكبر عدد من الناس) هنا نجد أن مبدأ النفعية الشهير كان هو جوهر تعاليم بنثام التشريعية والأخلاقية.
لقد كان هناك ارتباط ملحوظ بينه وبين إعلان الاستقلال الذي أصدره توماس جيفرسون Thomas Jefferson في هذا العام نفسه. باختصار لقد تعانق التاريخ والفلسفة وعمل التراث المسيحي - بغير قصد من بنثام - على توثيق عرى هذه الوحدة (المقصود هذا التلازم) ومباركتها. لقد كتب بنثام كتابه الصغير الذي عرض فيه أفكاره هذه بأسلوب أكثر وضوحا وبروح أكثر جاذبية من مباحثه اللاحقة. والآن راح يقضي بعض الوقت في السفر والترحال. ومن روسيا أرسل في سنة ١٧٨٧ إلى إنجلترا مبحثه دفاع عن الربا Defence of usury - أي الفائدة.
لقد عارض الإدانة اللاهوتية للفائدة interest، ففي مجال الاقتصاد ومجال السياسة يجب أن يترك الفرد حرا في تنفيذ ما يراه على وفق لأحكامه على أن يكون هذا في صالح المجتمع. لقد كان بنثام ليبراليا ولكن الكلمة (ليبرالي) في المفهوم السائد في القرن الثامن عشر كانت تعني المدافع عن الحرية. لقد اتفق مع الفزيوقراط Physiocrats ومع جيفرسون على أن يكون تدخل الدولة في حرية الفرد في حده الأدنى. لقد كان راديكاليا - يحب الوصول إلى جذور الأمور، ولكنه لم يكن مؤيدا لتأميم الصناعة. وفي سنة ١٧٨٧ لم تكن الصناعة منتشرة انتشارا كبيرا ليطالب بتأميمها.