يكسو البحيرات. لقد كان على الشاعر أن يقول عن أخته:"لقد كانت عيني التي أرى بها وأذني التي أسمع بها". لقد كانت تلطف من حدة اندفاعه في القنص ليطارد ويقتل، لقد أصرت على أن عليه ألا يؤذي أي كائن حي.
وعندما بلغت دوروثي السابعة من عمرها فُجِعا بموت أمهما. وحزن أبوهما حزنا شديدا ورفض أن يتخذ له زوجه أخرى، واستغرق في عمله وأرسل أطفاله ليعيشوا مع أقاربهم. فذهبت دوروثي إلى خالة لها في هاليفاكس Halifax في يوركشير Yorkshire فلم تعد الآن قادرة على رؤية وليم إلا في فترة الإجازات.
وتم إلحاقه في سنة ١٧٧٩ بمدرسة جيدة في هوكشيد Hawkshead بالقرب من بحيرة وندرمير Windermere وفيها درس الكلاسيكيّات الإغريقية واللاتينية وبدأ - كما قال - ينسج الشعر. ويبدو أن الغابات والمياه القريبة قد لعبت دورا أكبر من دور كتبه في تشكيل أسلوبه وشخصيته. ولم يكن عازفا عن الحياة الاجتماعية فقد كان يشارك غيره من الشباب في المباريات وأحيانا كان يقضي أمسيات صاخبة في فندق محلي لكنه كثيرا ما كان يتجول وحيدا بين التلال على طول شاطئ اسثويت Esthwaite Water وبحيرة وندرمير. وبين الحين والآخر كان لا يعبأ بالمناخ فقد ألف تغيراته، فكان يمعن في تجوله إلى أماكن لا يكون فيها آمنا وعرف المخاوف التي يمكن أن تلم بالشباب الذين يترددون على الأماكن التي بها كائنات حية غير بشرية، لكنه بالتدريج بدأ يحس بالروح الكامنة في نمو النباتات وفي لعب الحيوانات وصراعها، وفي شموخ الجبال وفي ابتسام السماء وتجهمها.
لقد بدا له وكأن كل هذه الأصوات المنبعثة من الحقول والغابات والذرى والسحب تتحدث إليه بلغتها الخاصة. لغة أدق من لغة الكلمات وأرق وأكثر باطنية، لكنه يحس معانيها التي تؤكد له أن الأشياء المتعددة الكثيرة كثرة لا تصدق الموجودة حوله ليست مجرد ماديات لا حول لها وإنما هي إبداع رب أعظم وأقرب من الإله البعيد الصامت الذي لا شكل له، الذي يتوجه إليه في صلواته. ومن هنا أصبح ذا مزاج استبطاني جعله يستغرق في تأمل الحياة الداخلية أو الباطنية بالإضافة للعبادة الظاهرة.
وفي سنة ١٧٨٣ مات أبوه فجأة. وكانت ممتلكاته متفرقة وغير موثقة، فمرت عبر قضايا