"عندما كنت في الثالثة عشرة من العمر ذهبت إلى صانع أحذية وتوسلت إليه أن أعمل عنده ليعلمني المهنة. وكان رجلا أمينا لذا فإنه سرعان ما دبّر لي لقاء مع بوير Bowyer رئيس جماعة صانعي الأحذية، فثار غاضبا وركلني .. وسألني لماذا أبرهن هكذا على غبائي؟ فأجبته إنني شديد الرغبة في أن أكون صانع أحذية وأكره أن أكون رجل دين، فسألني لماذا؟ فقلت له: الحق أقول لك يا سيدي .. إنني كافر وبمجرد أن قلت ذلك لم يسمح بوير بمزيد من الكلام، وجلدني".
ومن الواضح أنه اقتطف بعض الفاكهة المحرمة، وربما كان ذلك من كتب إحدى محلات بيع الكتب بشارع الملك (كنج ستريت King Street) ففي هذه المكتبات - كما زعم بعد ذلك - بطريقته التذكارية:
"لقد قرأت في كل الكتب الواردة في الفهرس (المقصود كتالوج المكتبة) وفي كل الكتب الضخام (من القطع الأعظم) سواء كنت أفهم ما أقرأه أم لا … وكنت أغامر بكل شيء للحصول على المجلدين اللذين فرضت على نفسي الحصول عليهما يوميا. لقد كنت مدركا لما يجب أن أكون عليه وأنا في الرابعة عشرة من عمري. لقد كنت محموما دائما (المقصود أنه كان شديد التوق للقراءة). لقد كان كياني كله موجها نحو الانسحاب إلى ركن مشمس لأقرأ وأقرأ وأقرأ، مغمضا عيني عن أي هدف آخر".
وبطبيعة الحال فإننا نلمح زهواً مبالغا فيه هنا. وعلى أية حال فقد أنجز إنجازا طيبا في مدرسة مستشفى يسوع حتى إن أسرته رتبت أمر إدراجه بين الطلبة المساعَدين (بفتح العين) الذين يعملون ويدرسون في آن واحد في كلية يسوع Jesus College بكمبردج (١٧٩١) وهناك حاول دراسة الرياضيات المتقدمة واللغة اليونانية المغرقة في قدمها.
"لقد قرأت بندار Pindar ورحت أؤلف الشعر باللغة اليونانية وكأنني كلب مجنون أو بتعبير آخر ككلب مصاب بالسعار … وفي أي وقت فراغ يتاح لي كنت أترجم Anacreon .. وتعلمت العزف على الفيولين (الكمان) ".
وعندما نقرأ عن كولردج لابد أن نسمح لأنفسنا بتقبل ما هو عليه من غلو وإفراط. لقد أهمل صحته، وأصيب في سنة ١٧٩٣ بالحمى الروماتزمية، ولجأ إلى الأفيون لتسكين آلامه، وكان الأفيون في ذلك الوقت شائعا كعقار مسكن لكن كولردج أدمنه، وأبطأت خطاه في