الفعل في حالة الأمر مثلاً أو غيره، وهم يستعملون بدل أحرف الجر التي تسبق الكلمات المجرورة، أحرفاً تأتي بعد الكلمات لتحدد المقطع الأخير من الكلمة وفي ذلك ما فيه من مشقة وعناء، وحلت عندهم عبارات تكريمية معقدة، مثل "خادمك المطيع" و "سعادتكم" محل ضمائر المتكلم والمخاطب.
وقد استغنت اللغة- فيما يظهر- حتى عن الكتابة، إلى أن جاءها الكوريون والصينيون بهذا الفن في القرون الأولى بعد ميلاد المسيح، ومنذ ذلك الحين، اكتفى اليابانيون مدى مئات من السنين بطريقة الكتابة التي شاعت في "المملكة الوسطى" ليبعدوا بها عن كلامهم الذي يشبه في جماله لغة الإيطاليين؛ ولما كان حتماً عليهم أن يستخدموا حرفاً كاملاً من حروف الخط الصيني ليدل على كل مقطع من كل كلمة يابانية، فقد أصبحت الكتابة اليابانية في عصر "نارا" أعسر ضروب الكتابة التي عرفها الإنسان تقريباً؛ ثم حدث في القرن التاسع أن سن قانون يعمل على الاقتصاد في هذا الاتجاه، بأن يحدد كثيراً من الإشكالات اللغوية، فأراح هذا القانون أهل اليابان بما قدمه إليهم من صور الكتابة المبسطة، إذ قدم إليهم صورتين كل منهما يستعمل حرفاً صينياً- بعد اختصاره في صورة خطية منحنية- ليمثل مقطعاً من المقاطع السبعة والأربعين التي منها يتألف الكلام المنطوق عند اليابانيين؛ وهذه الأشكال التي تمثل السبعة والأربعين مقطعاً، حلت عندهم محل أحرف الهجاء (١)، ولما كان شطر كبير من الأدب الياباني مكتوباً بالصينية، ومعظم بقيته ليس مكتوباً بالكتابة المقطعية الشائعة، بل هو مزيج من الأحرف الصينية وأحرف الهجاء اليابانية، كان من المتعذر إلا على القليلين من العلماء الغربيين أن يتمكنوا من الأدب الياباني في أصوله؛ فنتج عن ذلك أن أصبح علمنا بالأدب الياباني
(١) بسط الخط الكاتاكاني هذه الرموز المقطعية فجعلها خطوطا مستقيمة كالتي تراها في بعض حروف الطباعة وفي كتابات الإعلانات، وفي اللافتات المضاءة في اليابان الحديثة.