للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يتجاوز قطعاً متناثرة من هنا وهناك، ولذا فهو علم يخدعنا عن الأصل، ويستحيل أن يكون حكمنا على ذلك الأدب ذا قيمة كبيرة، ولما وجد اليسوعيون أن حوائل اللغة تقف في وجوههم سدوداً منيعة، قرروا أن لغة تلك الجزر قد صاغها الشيطان ليمنع نشر تعاليم الكتاب المقدس (الإنجيل) في بلاد اليابان (١).

لبثت الكتابة أمداً طويلاً بمثابة الترف يستمتع به أبناء الطبقات الرفيعة، ولم يبذل أي مجهود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر في سبيل نشرها بين طبقات الشعب؛ ففي عصر "كيوتو" أقام الأغنياء مدارس لأبنائهم، كما أنشأ الإمبراطوران "تنشي" و "مومو" في بداية القرن الثامن في كيوتو، أول جامعة يابانية؛ ثم نشأت مجموعة من المدارس الإقليمية شيئاً فشيئاً، تحت رقابة الحكومة، كان من حق متخرجيها أن يلتحقوا بالجامعة، ثم كان من حق من تخرج في الجامعة بعد اجتياز الامتحان المطلوب، أن يشغل مناصب الدولة؛ لكن جاءت الحرب الأهلية في الشطر الأول من العهد الإقطاعي، فأوقفت هذا التقدم في ميدان التعليم؛ وأهملت اليابان فنون العقل حتى أسعفتها الحكومة العسكرية التي قامت عليها أسرة "توكوجاوا" بأن أعادت السلام وشجعت العلم والأدب؛ وقد عدها "أيياسو" سبة فظيعة أن يجد تسعين في كل مائة من طائفة "السيافين" لا يعرفون القراءة أو الكتابة (٥)، وفي سنة ١٦٣٠ أنشأ


(١) جاءت الطباعة- كما جاءت الكتابة- من الصين، باعتبارها جزءاً من التراث البوذي؛ وأقدم ما بقي لنا من أمثلة الطباعة في العالم، طلاسم بوذية طبعت بأحرف ثابتة بأمر الإمبراطورة "شوتوكوا" في سنة ٧٧ ميلادية (٣)، ثم جاءت الأحرف الممكن تحريكها من كوريا حول عام ١٥٩٦، لكن كثرة النفقات التي يقتضيها طبع لغة لم تزل مؤلفة من آلاف الأحرف، حال دون انتشار استعمال تلك الأحرف المتحركة، حتى كانت النهضة (سنة ١٨٥٨) التي فتحت الأبواب للنهوض الأوربي وإلى يومنا هذا، ترى الجريدة اليابانية تتطلب مجموعة من بضعة آلاف من الأحرف (٤) ورغم الصعاب، فإن الطباعة اليابانية من أجمل ضروب الطباعة في عصرنا هذا.