للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذه النشوة التي بلغت السؤدد انحدرت فرنسا إلى الجريمة وانحدر وردزورث إلى النثر:

- لكن الآن أصبح الثوار ظلمة

- حولوا الحرب من أداة للدفاع عن أنفسهم

- إلى أداة للغزو، ولم يعودوا يرون

- كل ما كانوا يناضلون من أجله …

وببطء وتردد أنهى الشاعر مقدمته his Prelude داعيا صديقه للعودة من مالطة (المقصود كولردج) لينضم للجهود المبذولة للعودة من الحرب والثورة إلى حب الطبيعة والبشر. ولم يكن على وفاق مع قصيدته فقد كان يعلم أنه توجد صحراوات شاسعات حول الواحات. ولم يكن وردزورث يرى إلا فروقا قليلة بين النثر والشعر. لقد اعترف بذلك، وكان غالبا أيضا ما يمزج بينهما في شعره غير المقفى، المتسم بفتور نبرته وتؤدة وقعه.

لقد جعل العاطفة والأحاسيس تنبع من السكون وهدوء النبرة، وجعل من هذا جوهر الشعر وروحه (دعنا نقل الموسيقى الداخلية) لكن هذا السكون الشعري الذي يستمر على نحو متواصل طوال أربع عشرة مقطوعة قد يحيلها إلى هوادة أو هدهدة تبعث على النوم. وبشكل عام فإن طبيعة الملحمة أنها تتناول حدثا عظيما أو نبيلا، أما الأفكار فهي شخصية جدا حتى إنه لا يصلح تناولها في ملحمة. ومع هذا فإن (المقدمة) تركت القارئ المصمم على مواصلة قراءتها وقد شعر بقبول سليم للحقيقة الباقية. وفي بعض الأحيان كان وردزورث - كأغاني الطفولة - يطهرنا بنقاء الغابات والحقول ويجعلنا - كالتلال الراسخات - نتحمل العواصف صامتين صابرين.

وكان وردزورث قبل المغادرة قاصدا ألمانيا في سنة ١٧٩٨ قد بدأ (الناسك The Recluse) وهو عمل بث فيه فكرة أن الإنسان الذي يعرف الحياة حق المعرفة هو الذي عايشها ومن ثم انسحب منها، وقد حثه كولردج على تطوير هذه الفكرة في صياغة كاملة ونهائية لفلسفته. وبتحديد أكثر اقترح عليه كولردج قائلا أريدك أن تكتب قصيدة بالشعر الحر (غير المقفى) موجهة إلى هؤلاء الذين فقدوا كل أمل في تحسن أحوال