المناسبة الثانية انضم إليهما وردزورث وهناك راح ثلاثتهم يتناقشون فيما إذا كان الله God موجودا. وكان وليم بالي Paley - كما رأينا - قد دافع مؤخرا عن وجوده بأدلة من التصميمات الهندسية والفنية، وقد رفض هازلت هذه الأدلة، أما وردزورث فاتخذ موقفا وسطا مؤكدا أن الله ليس موجودا خارج الكون، يوجّهه من مكان قصي وإنما هو كامن فيه إنّه حياة الكون وعقله. وفي هذه الزيارة أثار هازلت غضب الجيران باغتصابه تلميذة، وخوفا من القبض عليه أو حدوث ما هو أسوأ هرب إلى جراسمير حيث آواه وردزورث هناك طوال ليلة، وفي الصباح قدم له مبلغا من المال ليسافر إلى لندن.
وعندما عاد كولردج ووردزورث وهاجما الثورة وأدانا نابليون في قصيدة هجاء شديدة اعتبرهما هازلت متراجعين عن أفكار آمنا بها يوماً، وكتب أربعة مجلدات عن (حياة نابليون بونابرت ١٨٢٨ - ١٨٣٠) مدافعا عن وجهات نظر نابليون. وفي هذه الأثناء كان معروفا كناقد من خلال محاضراته (١٨٢٠) عن الدراما في العصر الإليزابيثي وكتابه عن (روح العصر - ١٨٢٥) ولم يكن وردزورث سعيدا بهجومه على مدرسة البساطة في الأدب أو على حد تعبير وردزورث Peasant school.
لقد أحب الشاعر العجوز أكثر توماس دي كونسي Thomas De Quincey (١٧٨٥ - ١٨٥٩) الذي كان يبدي إعجابه به بشكل مستمر. لقد كان توماس عبقريا فيما يرى لأنه نبَّه بريطانيا في سنة ١٨٢١ بمؤلفه " Confessions of an English Opium Eater" أي (اعترافات إنجليزي يتعاطي الأفيون).
لقد كانت بدايته كولد معجزة يتحدث اليونانية الكلاسيكية بطلاقة وهو في الخامسة عشرة من عمره، وأنهى الدراسة في المدرسة بسرعة وانتقل إلى أكسفورد حيث كانت خطاه أسرع من خطى أقرانه (المقصود أنه كان أكثر تفوقا) ولابد أنه اندهش مبتهجاً بالبساطة الخلابة التي صيغت بها الأشعار الغنائية Lyrical Ballads وفي مايو سنة ١٨٠٣ كتب إلى وردزورث خطابا ربما أدار رأس الشاعر المتفرد.
ليس هناك ما يغريني بصداقتك أكثر - فيما أظن - مما يغري كل من قرأ Lyrical Ballads وأحس بها كما أحس. إن محصلة البهجة التي أحسست بها من ثماني قصائد أو تسع استطعت الحصول عليها جعلت العالم يبدو مقصراً تقصيراً لا حد له عن إدراك ما