ولم يتحدث إليها، فقد كان كل منهما ينتظر المبادأة من الآخر. لكنها كانت هي أيضا شغوفة به، ففي يومياتها وخطاباتها راحت - أحيانا - تحلل شخصيته:
"حدة روح .. سخرية شديدة … مخلص ومستقل .. يقال إنه كافر (غير مؤمن) ربما كان هذا صحيحا وذلك من خلال الطبيعة العامة لعقليته. وقصيدته (Childe Harold) برهان كافٍ على أنه يستطيع أن يحس أحاسيس نبيلة، لكنه كان يداري طيبته أو بتعبير آخر لا يظهر أحاسيسه الطيبة".
كانت هذه عبارة متدبّرة ذكية ربما راودها بعد ذلك سؤال هو كيف حاولت أن تنزع من هذا الرجل الحساس مشاعره - تلك المحاولة الشائقة إلا أنها خَطِرة - وكيف حاولت أن تمنعه وهو أسد لندن - عن كل هؤلاء النسوة اللائي انجذبن إليه بسبب شهرته الكبيرة؟
ومضت شهور اعتلت فيها ليدي كارولين لامب خشبة المسرح (المقصود دخلت حياته ثانية) لكن لهيب الحب برد بسبب القناة الأيرلندية (المقصود أن البعد جفاء - أي أنها عندما ذهبت لأيرلندا تاركة حبيبها وفي لندن، راح لهيب شوقها وشوقه يبردان أو ينطفئان رويدا كلما زاد البعاد)، وفي ١٣ سبتمبر سنة ١٨١٢ كتب بايرون إلى ليدي ملبورن خطابا غريبا فرض على حياته اتجاها بدا وكأنه قدر محتوم:
"أخشى أن أقول إنني كنت ولا زلت وسأظل مفتونا … بتلك الآنسة التي لم أقل عنها كثيرا، لكنها لم تغب أبداً عن ناظري .. إنها تلك التي أريد أن أتزوجها لولا أن أمور مدام لامب هذه اقتحمت حياتي .. إنني أريد الزواج منها هي الآنسة ميلبانك Milbanke .. إنني لم أر أنثى حظيت بتقديري مثلما حظيت هي"
وأخبرت ليدي ملبورن - سعيدةً - ابنة أخيها باعتراف بايرون طالبة منها الموافقة. وفي ١٢ أكتوبر أرسلت الآنسة ميلبانك رداً جديراً بتاليران Talleyrand:
" اعتقاداً مني أنه لن يكون أبداً موضع حب شديد يجعلني سعيدة في حياتي الأسرية إلا أنني أغمطه حقه على نحو ما إن أنا - حتى ولو بشكل غير مباشر - جعلته يتأكد من مشاعره الحالية. فمن خلال ملاحظاتي المحدودة لمسلكه أراني أميل إلى أن سبب ذلك هو تزكيتك الشديدة له، وإنني أعزو موقفي هذا منه إلى قصور في مشاعري أكثر من أن أعزوه إلى طبيعته، ذلك أنني لا أميل إلى مبادلته مشاعره. بعد هذا الذي قلت بأسف لما يسببه من