يقيم فيه الإقطاعي ويحرقون حجج الملكية، وتحاصره جماهير المدن، يسجنون الأسر المالكة ويقطعون رؤوس مئات من النبلاء. لقد شعر كثير من البريطانيين أن كل هذه النتيجة كانت بسبب "الفلاسفة" الفرنسيين الملحدين وبسبب مقلّديهم من الإنجليز - جودون وبين Paine . وفي أي وقت الآن قد تأتي القوات الفرنسية الشريرة لتستولي على هولندا وبلاد الراين، وقد يحاولون في غضون عام أو عامين غزو إنجلترا، فكيف ستستطيع بريطانيا بسكانها الذين لا يتجاوزون ١٥ مليون نفس والتي ليس لها جيش دائم Standing army أن تهزم فرنسا بسكانها البالغ عددهم ٢٨ مليون نفس وبجيشها القوي المعتز بانتصاراته التي حققها فعلا؟
كان بت يعلم كل هذا لكنه كان يفكر بلغة المال أكثر مما كان يفكر بلغة الرجال، فالرجال يمكن شراؤهم بالمال إن لم يكن من إنجلترا فمن النمسا وبروسيا وروسيا، وإنجلترا بتملك المال يأتيها كل يوم من التجارة والصناعة وما تغله الأرض ومن المستعمرات والقروض والضرائب على كل المواد الاستهلاكية وعلى كل الدخول كل تلك العوائد المالية يمكن توظيفها في إعداد جيش صغير للدفاع عن بريطانيا ضد غزو غير محتمل. وهذه العوائد يمكنها أن تجعل المصانع البريطانية في حالة عمل دون توقف وتجعل صحافتها وطنية وتجعل رسامي الكاريكاتير فيها على أعلى مستوى. وهذه العوائد يمكنها تمويل جيوش حلفاء بريطانيا الذين ينقصهم المال ويكثر عندهم. الرجال. والأهم أن تلك العوائد تمكن بريطانيا من بناء العديد من السفن المحتشدة عسكرا، والمسلحة جيدا للسيطرة على المحيطات ولتحاصر كل ميناء فرنسي وتستولي على كل سفينة فرنسية في البحر، ولتضم للإمبراطورية البريطانية كل مستعمرة فرنسية. وهكذا راحت بريطانيا تزيد من أساطيلها، ففي كل شهر كانت تضيف إليها سفنا قوية على متونها رجال بحر لا نظير لهم. لقد كان لديها من أعظم أدميرالات (أمراء البحر) في التاريخ.