وهولندا. ورحب الملك جورج الثالث بهذه الحرب معتقدًا أن الأمة البريطانية ستغدو موحدة هذه الحرب، أما بت Pitt فرغم أنه بذل كل جهوده لقضية الحرب هذه إلا أنه كان آسفا لاشتعالها. ولقد بدأ بت مفاوضات أدت إلى التحالف الأول (ضد فرنسا) في سنة ١٧٩٣: بريطانيا والبرتغال وأسبانيا وسردينيا ونابلي والنمسا وبروسيا وروسيا. وفرض ضرائب باهظة على كل الطبقات في المملكة وأرسل بشكل متكرر إعانات مالية لحلفائه. وعمل على إصدار القوانين المشددة ضد أي دعاية تروج للثورة الفرنسية أو تدافع عن موقف فرنسا، وعلق حرية الصحافة (١٧٩٤) وقانون الإحضار Habeas Corpus Act الذي كان يضمن للمقبوض عليهم محاكمة سريعة أو إطلاق سراح عاجل (*). وأصبح الوضع الآن هو القبض على المشكوك فيهم سياسيا دون محاكمة. (فعلت فرنسا الشيء نفسه) وبعد مظاهرة مناهضة للحرب جرى في أثنائها قذف حجر على الملك صدر مرسوم الاجتماعات التحريضية Seditious Meeting Act (١٧٩٦) يمنع اجتماع أكثر من خمسين شخصا إلا بإذن الحكومة وتحت إشرافها. وكان من يوجهون نقدا للدستور البريطاني عرضة للنفي مدة سبع سنوات في خليج بوتاني (خليج النبات) في أستراليا. وحوكم الراديكاليون البارزون بتهمة الخيانة في مايو ١٧٩٤ ودافع عنهم توماس إرسكين Erskine وصدر الحكم ببراءتهم. وهؤلاء الراديكاليون البارزون هم جون هودن توك (عالم فقه اللغة) وجون ثلوال صديق كولردج في مرحلة سابقة، وصانع الأحذية توماس هاردي مؤسس جمعية لندن للمراسلة.
وأوحت هذه المحاكمات بالجو المسعور الذي كان قد صدم الطبقات العليا في بريطانيا عندما وجدوا أنفسهم مواجهين بثورة أخرى سرعان ما ظهرت بعد الثورة التي كلفتهم كثيرا في المستعمرات في أمريكا American Colonies . لقد بدا العالم الذي ظل الملوك والأرستقراطيون يحكمونه طوال ألف عام وكأنه ينهار يحاصره فلاحون يحرقون القصر الذي
(*) في المعجم القانوني للفاروقي: قانون الإحضار هو قانون جلب المحبوس أو الموقوف للمحاكمة أو التحقيق. صدر في ١٦٧٩ في عهد تشارلز الثاني ونص على حظر تقييد حرية الأفراد دون حكم محكمة مختصة، وضرورة جلبهم للمحكمة أو التحقيق خلال مدة معينة من تاريخ حبسهم أو توقيفهم.