وبعد أن نصب نابليون نفسه إمبراطورا على فرنسا (١٨٠٤) بدا منصب (رئيس إيطاليا) متواضعا بالنسبة إليه، لذا، ففي ٢٦ مايو سنة ١٨٠٥ تلقى نابليون في ميلان تاج الملوك اللومبارديين Lombard الموقر والعريق، وكان تاجا من حديد وأصبح بذلك حاكما لشمال إيطاليا وقدم لأهل البلاد المدونة القانونية النابليونية، وساوى بين الجميع في فرص التعليم بأن فرض على الدوائر (المقاطعات) الأكثر ثراء مساعدة الدوائر الأفقر، ووعد بأن يجعل:"شعبي في إيطاليا … لا يتحمل ضرائب باهظة بل ستكون وطأة الضرائب هنا أخف منها في أي أمة أخرى في أوربا"، وعندما غادرهم ترك معهم ابن زوجته الحبيب إلى نفسه يوجين دي بوهارنيه Eugene de Beauharnais نائباً له (نائب ملك) دلالة على اهتمامه بأمرهم.
وطوال الأعوام الثمانية التالية نعمت المملكة الجديدة (خاصة لومبارديا) برخاء عام وحياة سياسية نشيطة ظل الإيطاليون يذكرونهما بخير لفترة طويلة. ولم تتظاهر الحكومة بالديمقراطية، فقد كان نابليون غير مؤمن بقدرة الجماهير في أي مكان على الاختيار الحكيم للقادة أو السياسات، لكنه بدلاً من ذلك نصح يوجين أن يجمع حوله أكثر المديرين خبرة وكفاءة. وبالفعل فإن هؤلاء الأكفاء قد خدموه بحماسة ومهارة، لقد نظموا جهازاً إدارياً يتسم بالكفاءة، ونفذوا كثيرا من الإنشاءات العامة - طرق، وقنوات وحدائق عامة ومشروعات إسكان ومدارس، وأصلحوا وسائل الصرف واتخذوا إجراءات للمحافظة على الصحة العامة وأصلحوا السجون وقانون العقوبات وأقاموا مشاريع محو الأمية ونهضوا بالموسيقى والفنون، وارتفعت عوائد الضرائب من ٨٢ مليون فرنك في سنة ١٨٠٥ إلى ١٤٤ مليون فرنك في سنة ١٨١٣، لكن جزءاً من هذه الزيادة كان يعكس التضخم (وفرة العملة اللازمة لتمويل الحرب) كما كان في جانب آخر منها نتيجة إعادة توزيع الثروات المتركزة في أيدي القلّة للقيام بمشروعات للصالح العام.
وفي هذه الأثناء واصل نابليون جهوده لصبغ إيطاليا بالصبغة النابليونية، ففي سبتمبر ١٨٠٢ ألحق بيدمونت بفرنسا، وفي يونيو سنة ١٨٠٥ حث حكومة جنوى على طلب إدماج الجمهورية الليجورية في الإمبراطورية الفرنسية. وفي سبتمبر ١٨٠٥ ضم دوقيات بارما وبياسنزا Piacenza وجواستالا Guastalla. وفي ديسمبر ١٨٠٥ - بعد محق الجيش