المجر وقدم هناك قداسه (C ،Opus ٨٦) في ١٣ سبتمبر ١٨٠٧. وبعد العزف سأله الأمير لكن يا عزيزي بيتهوفن، ما هو الذي فعلته مرة أخرى؟ وفسّر بيتهوفن هذا السؤال على أنه دال على عدم الرضا فغادر القصر قبل انتهاء مدة دعوته.
وأتحف عام ١٨٠٨ بسيمفونيتين لا زالتا معروفتين حتى الآن في العالم كله: السيمفونية الخامسة (in C Minor) والسيمفونية السادسة (أو الرعوية Pastoral) (in F.) ويبدو أنه ألفهما معا خلال عدة أعوام فقد تراوح المزاج العام فيهما ما بين الاكتئاب في الخامسة والبهجة في السادسة، وقد تم أداؤهما معا على مسمع من الجمهور للمرة الأولى في ٢٢ ديسمبر ١٨٠٨، وأدى تكرار أدائهما إلى أن فقدا جاذبيتهما حتى عند عشاق الموسيقى.
فلم تعد مشاعرنا تتحرك لقدرٍ يطرق الباب أو طيور تغرد بين الأغصان، لكن ربما كان تلاشى انجذابنا إليهما راجعا لنقص التعليم الموسيقي الذي يمكننا من الاستمتاع بفن مزج الألحان وما فيها من تضاد وتطور واتساق، وتنافس الآلات في الأداء، والحوار بين آلات النفخ والآلات الوترية. وطبيعة كل حركة موسيقية والبناء العام للقطعة الموسيقية وتوجهها. فالعقول التي تتنازع فيها المشاعر والأفكار لابد أن تجد عناء في تتبع هذا تماما كما أن هيجل Hegel يجد صعوبة في فهم بيتهوفن، وكما يجد بيتهوفن - أو أي شخص آخر - صعوبة في فهم هيجل.
وفي عامي ١٨٠٨ و ١٨٠٩ ألف بيتهوفن كونشرتو البيانو رقم ٥ (in E Flat، Opus ٧٣) المعروف باسم "الإمبراطور Emperor". ومن بين كل أعماله، يعتبر هذا الكونشرتو هو الأكثر بقاء وجمالا. إنه عمل لا نمل سماعه أبدا. وعلى أية حال فإننا عندما نسمعه تهتز مشاعرنا اهتزازا يفوق اهتزاز مشاعرنا بالكلمات المصاحبة، فهو عمل موسيقي يتسم بالتألق والحيوية. إنه فيض من مشاعر وبهجة لا حد لهما. إنه عمل ينم عن قدرة إبداعية هائلة. ففي هذا الكونشرتو يسمو الإنسان منتصرا متجاوزا النكبات منشدا قصيدة تعج بالفرح، على نحو أكثر إقناعاً مما في الكورس الجهير في السيمفونية التاسعة.
وربما عكس "كونشرتو الإمبراطور Emperor Concerto" و"السيمفونية الرعوية Pastoral Symphony" ما كان يمر به بيتهوفن من رخاء وازدهار. وفي سنة ١٨٠٤ تعاقد مع الأرشدوق ردولف Archduke Rudolf ابن الإمبراطور فرانسيس الأصغر - ليعلمه العزف على البيانو، وهكذا بدأ في تكوين صداقة، غالبا ما كانت سببا في زيادة