يعزف بيدين على كتفه فلما التفت لتبيّن الأمر وجد امرأة شابة (كانت وقتها في الخامسة والعشرين) جميلة، تتألق عيونها سروراً لعزفه بل ولغنائه، لقد كان يعزف موسيقاه التي وضعها لقصيدة جوته الشهيرة عن إيطاليا (Kennst du das Land) . لقد كانت هذه المرأة الجميلة هي إليزابيث (بتينا Bettina) برينتانو أخت فرانز وكليمنتس برينتانو Clemens Brentano الذي سنتناوله فيما بعد كمؤلف ألماني شهير، وهي نفسها أصبحت في وقت لاحق. مؤلفة لعددٍ من الكتب الناجحة تُزاوج فيها بين أدب السيرة الذاتية وأدب الرواية على نحو كان في ذلك الوقت سمة سائدة.
إنها - أي هذه المؤلفة - هي مصدرنا الوحيد للقصة التي رويناها لتوّنا، كما أنها هي مصدرنا الوحيد للأحداث اللاحقة التي يظهر فيها أنها سمعت في حفلة في بيت فرانز مناقشات بيتهوفن وفهمتها بعمق بل وروتها بنظام وأناقة كانا يُعوزان أحاديثه بشكل عام، وإن كان هذا النظام وتلك الأناقة يظهران أحياناً في خطاباته. وفي ٢٨ مايو ١٨١٠ كتبت - بحماس - عنه (عن بيتهوفن) إلى جوته الذي لم تكن تعرفه من خلال علاقات الجوار مع أسرته في فرنكفورت فحسب وإنما من خلال زيارته في فيمار Weimar، وفيما يلي مقتطفات من خطابها الشهير هذا:
عندما رأيتُ من سأحدثك عنه الآن، نسيتُ العالم كله .. إنه بيتهوفن الذي أود أن أحدثك عنه والذي جعلني أنسى العالم وأنساك .. إنه يسير شامخاً في طليعة الحضارة البشرية .. هل سندركه أو نتخطاه أبداً؟ أشك في ذلك، لكن لنضمن أنه يعيش حتى .. يتطور السر الغامض الكامن في روحه تطوراً تاماً .. ساعتها فإنه بالتأكيد سيضع بين أيدينا مفتاح علمه السماوي (المقدس) …
لقد قال هو نفسه: عندما أفتح عيني لابد أن أتنهّد، لأن ما أراه يناقض ما في ديني، ولابد أن أحتقر العالم الذي لا يدري أن الموسيقى وحي أرقى من الحكمة والفلسفة. إنها النبيذ الذي يوحي للمرء بعمليات تخليق وتوالد جديدة، وأنا عاصِرُ النبيذ the Bacchus الذي يستخلص هذا النبيذ العظيم للبشر لأجعلهم يثملون محلّقين في عالم الروح ..
لا أخشى على موسيقاي، فلن يكون مصيرها شراً، فهؤلاء الذين يفهمونها لابد أن