إن الموسيقى وسط بين الحياة الفكرية والحياة الحسّية. كم أود أن أتحدث إلى جوته Goethe (جيته) عن هذا - فهل سيفهمني؟ تحدثي إلى جوته عنّي .. قولي له ليسمع سيمفونياتي وسيجدُ أنني مصيب في قولي إن الموسيقى هي المدخل الروحي الوحيد لعالم معرفي أسمى …
ونقلت بتينا Bettina إلى جوته هذه الأقوال المبهجة التي قالها بيتهوفن، وأضافت: أسْعِدْني الآن برد عاجل يُظهر لبيتهوفن أنك تقدّره وأجاب جوته بخطاب مؤرخ في ٦ يونيو ١٨١٠:
وصلني خطابك يا طفلتي الحبيبة إلى قلبي في وقت سعيد. لقد تكبدت عناء كبيراً لتصوّري لي طبيعة عظيمة وجميلة في إنجازها وكفاحها .. إنني لا أشعر برغبة في تكذيب ما استطعتُ الإلمام به من انفجارك السريع (حماسك الشديد)، بل العكس إنني أفضل في الوقت الحاضر أن أوفّق بين طبيعتي وما أمكن تمييزه في أقوالك المتعددة الأوجه. فالعقل البشري العادي ربما يجد تناقضا فيها، لكن قبل هذا القول الذي قاله شخص ملهم على هذا النحو، فإن الرجل العادي لابد أن يقف احتراماً له .. قدّمي لبيتهوفن أحر التحيات وأخبريه أنني سأضحي بكل شيء للتعرف به … ويمكنك أن تحثيه للقيام برحلة إلى كارلسباد Karlsbad التي أذهب إليها كل عام تقريبا لأكون في الغاية من السعادة لسماع موسيقاه والتعلم منه.
ولم يستطع بيتهوفن أن يذهب إلى كارلسباد، لكن أكبر فنّانين في ذلك العصر التقيا في تبليتز Teplitz (منتجع في بوهيميا) في يوليو سنة ١٨١٢. وزار جوته الموسيقار بيتهوفن في مقر إقامته هناك وكتب انطباعاته الأولى في خطاب أرسله لزوجته:"إنه أكثر من رأيتُ من الفنانين تحلقا حول نفسه (أكثرهم ذاتية) وحيوية وإخلاصا لفنه. إنني أستطيع أن أفهم جيداً كيف أصبحت نظرته للعالم متفردة. إنها لابد أن تكون كذلك ". وفي ٢١ و ٢٣ يوليو قضى أمسيتين مع بيتهوفن الذي عزف ببهجة، وثمة قصة مألوفة عن مرَّة سارا فيها معا:
هناك أقبل نحوهما كلّ أفراد الحاشية وأميرة النمسا والدوقات، فقال بيتهوفن:
(أمسك ذراعي لابد أن يُتيحوا لنا مكاناً، لا نحن الذين نتيح لهم مكاناً)، وكان لجوته رأي مختلف