للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه - وكذلك طلب أخوه جوهان أن يوافق على استدعاء قس، فوافق. إذ يبدو أنّه نسي الآن ملاحاته للرّب ففي خطاب أرسله في ١٤ مارس يذكر أنه، "يقبل كل ما تقرّه حكمة الله سبحانه"

وفي ٢٣ مارس تلقى أسرار المسيحية المقدسة Sacrament لآخر مرة، ويظهر أنه قبلها بمزاج مرحّب، وقد ذكر أخوه في وقت لاحق أن الرجل المحتضر (بيتهوفن) قال له:

شكراً على هذه الخدمة الأخيرة،

وقال بيتهوفن لصديقه شيندلر Schindler وهو يحتضر بعد انتهاء الطقوس الدينية (تلقين أسرار المسيحية):

"كوميديا فينيتا أي لقد انتهت الملهاة أو المهزلة"،

وهو لا يقصد غالباً الطقوس الدينية وإنما الحياة نفسها، وكانت هذه العبارة (كوميديا فينيتا) تستخدم في المسرح الروماني الكلاسيكي لإعلان نهاية المسرحية.

لقد أسلم بيتهوفن الروح في ٢٦ مارس ١٨٢٧ بعد ثلاثة أشهر من المعاناة، وقبل لحظات قليلة من إسلامه الروح غمر الغرفة ضوء أضاء الغرفة أعقبها رعد شديد، فرفع بيتهوفن ذراعه اليمنى ووجه قبضته (لكمته) إلى شيء ما، يبدو أنه وجهها للعاصفة، وبعدها مباشرة انتهت آلامه (حياته) ولن نعرف أبداً ما تعنيه هذه الإيماءة الأخيرة (توجيهه لكمة إلى شيء ماء).

وأظهر فحص جثته اضطرابات داخلية معقدة هي التي كانت سوّدت حياته ومزاجه. لقد كان كبده متقلّصة سقيمة.

وكانت شرايين أذنيه قد سدتها جزئيات دهنيه كما كان العصب السمعي تالفاً. إن آلام الرأس وعُسر الهضم والمغص واليرقان - تلك الأمراض التي كان يشكوا منها باستمرار، بالإضافة إلي الإحباط العميق الذي يُفسّر ما ورد في كثير من خطاباته - كل هذا كان نتيجة طبيعية لالتهاب الكبد المزمن وعسر الهضم. وربما كان حبه للمشي والهواء الطلق قد خفّفا من آلامه، وأتاحا له ساعات في حياته لا يعاني فيها ألماً.

وحضر جنازته ثلاثون ألفاً، وكان هَميل Hummel عازف البيان، وكروتسر Kreutzer