الوحدات وزيادة ثرواتها وقوتها العسكرية، وانتحائها نحواً علمانيا أما الوحدة الدينية في هذه الإمبراطورية المقدسة فكانت قد انتهت بظهور حركة الإصلاح الديني (الحركة البروتستنتية) وحرب الثلاثين عاما، وحرب السنوات السبع ١٧٥٦ - ١٧٦٣.
فكان شمال ألمانيا في سنة ١٨٠٠ على المذهب البروتستنتي بينما كان جنوب ألمانيا على الكاثوليكية أما غرب ألمانيا فتخلى عن شيء من تدينه نتيجة حركة التنوير الفرنسية، التنوير Aufklarung الذي انتشر على يد الكاتب المسرحي الألماني ليسنج Lessing. وكلما مالت شمس الدين للأفول، ازدهرت الروح الوطنية على نحو قل أم كثر، فإن عقيدة ما (سياسية أو اجتماعية) كان لابد من وجودها لتمسك أجزاء المجتمع وتضمها معا وتوثق عراها في مواجهة الاندفاع بعيداً عن المركز أو بتعبير آخر في مواجهة الرغبة في مزيد من التفكك. وقد أدى استقطاب ألمانيا بين الشمال البروتستنتي بقيادة بروسيا، والجنوب الكاثوليكي بقيادة النمسا إلى نتائج رهيبة ممثلة في فشل القطبين (الشمال البروتستنتي والجنوب الكاثوليكي) في توحيد جهودهما ضد نابليون في معركة أوسترليتز Austerlitz في سنة ١٨٠٥ ومعركة جينا (يينا) في سنة ١٨٠٦.
وقبل هاتين الصفعتين بفترة طويلة كانت النمسا نفسها قد بدأت تتجاهل الدايت الإمبراطوري (المجلس التشريعي الإمبراطوري) وتبعتها في ذلك دول ألمانية كثيرة (دول بالمعنى الوارد في صدر هذا الفصل)، وفي سنة ١٧٨٨ لم يستجيب للدعوة لحضور هذا الدايت سوى ١٤ أميراً من بين مائة لهم حق انتخاب (الإمبراطور) وثمانية من بين خمسين من رؤساء المدن (عمد المدن) فكان محالا أن يستطيع الدايت إصدار قرارات. وفي معاهدة كومبوفورميو Compoformio (١٧٩٧) ولونيفيل Luneville (١٨٠١)
أجبر نابليون النمسا على الاعتراف بالحكم الفرنسي على المناطق الواقعة غرب الراين، وهكذا أصبح الجزء الثري من الإمبراطورية الرومانية المقدسة - بما في ذلك مدن: سبير Speyer ومانهايم Mannheim وفورمز Worms ومينز (مينتس Mainz) وبنجن Bingen وتريير Trier وكوبلنز (كوبلنتس Coblenz) ، وآخن Aachen وبون Bonn وكولوني Cologne - تحت الحكم الفرنسي. وبحلول عام ١٨٠١ كان هناك قبول عام بأن الإمبراطورية الرومانية المقدسة أصبحت - كما قال فولتير - لا هي مقدسة، ولا هي رومانية ولا هي