الآلهة، فكاد لا يزيد على تمثيل ديني صامت؛ وأما الجزء الثاني فكان يؤدي بعدة مسرحية كاملة، ويبتغون به طرد الأرواح الشريرة بتخويفها؛ وأما الجزء الثالث فكان ألطف جواً، يراد به تصوير جانب رائع من جوانب الطبيعة، أو وجه ممتع من وجوه الحياة اليابانية (٤١)؛ وكانت أسطر المسرحية تصاغ عادة في صورة الشعر المرسل، بحيث يتألف البيت الواحد من اثني عشر مقطعاً؛ وكان الممثلون ذوي منزلة اجتماعية حتى بين العلْية؛ فلا تزال بين أيدينا وثيقة تثبت أن "نوبونجا" و "هيديوشي" و "أيياسو" قد اشتركوا جميعاً كممثلين في إحدى المسرحيات الغنائية حول سنة ١٨٥٠ (٤٢)، وكان كل ممثل يلبس قناعاً منحوتاً من الخشب نحتاً فنياً دقيقاً يجعل هذه الأقنعة تحفة عند هواة الآثار الفنية في عصرنا هذا، وكانت مناظر المسرح قليلة، إذ كانوا يعتمدون على الخيال القوي عند النظارة في خلق البطانة التي يتم الفعل المسرحي في جوّها؛ وأما الحكايات التي تمثل فمن أبسط الحكايات تأليفاً، ولم يكن مجرى الرواية هو نقطة الاهتمام؛ ومن أشيع تلك الروايات رواية تحكي عن "سياف" أصابه الفقر، طرق بابه راهب جوال أراد الدفء، فقطع له السياف أعز نباتاته ليوقد له بها ناراً؛ وعندئذ تبين أن الراهب لم يكن إلا الوصي على العرش، فأجزل العطاء للفارس، وكما أننا في الغرب لا نفتأ نختلف إلى المسرح مرة بعد مرة لنسمع مسرحية غنائية، روايتها قديمة، وربما كانت رواية سخيفة أيضاً، فكذلك ترى أهل اليابان - حتى يومنا هذا - يبكون كلما شهدوا هذه الرواية التي يتكرر تمثيلها بغير انقطاع (٤٣)، ذلك لأن براعة التمثيل تعيد لهذه الرواية في كل مرة قوتها ومغزاها؛ ولو قصد إلى المسرح متفرج متعجل عملي المقاييس، فإنه قد يجد في أمثال هذه الأغاني التي صبت في قالب تمثيلي، تسلية أكثر مما يجد فيها عظمة تأخذ عليه نفسه، لكن اسمع ما يقوله فيها شاعر ياباني: "كم في المسرحية الغنائية من عناصر