للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المأساة وعناصر الجمال، ولطالما طاف برأسي خاطر، هو أننا نؤدي خدمة جليلة لا شك فيها، إذا نحن أحسنّا تقديم مسرحيتنا الغنائية في الغرب، ولو فعلنا لنتج عن ذلك احتجاج شديد ضد المسرح الغربي، إن ذلك لو تم كان بمثابة الإيحاء باتجاه جديد" (٤٤) - ومع ذلك فاليابان نفسها لم تنتج من هذا الضرب المسرحي شيئاً منذ القرن السابع عشر على الرغم من أنها تقوم بتمثيلها اليوم، وتقبل عليها إقبالاً شديداً.

إن تاريخ المسرحية في معظم البلاد عبارة عن تحول تدريجي من سيادة الجوقة إلى سيادة دور يقوم به فرد من الأفراد - وعند هذه النقطة تنتهي مراحل التطور في الكثرة الغالبة من الحالات التي يتم فيها هذا الانتقال، ولما تقدم الفن المسرحي في اليابان من حيث تقاليده وروعته، خلق شخصيات محببة إلى الناس صارت هي القوة السائدة في المسرحية، وأخيراً قل شأن التمثيل الصامت والموضوعات الدينية، وباتت المسرحية حرباً بين أفراد تملؤهم قوة الحياة وقوة الخيال، وهكذا ظهر المسرح الشعبي في اليابان الذي يطلق عليه "كابوكي شيباي"، وأول مسرح من هذا القبيل الشعبي ظهر حول عام ١٦٠٠، أنشأته راهبة ملت جدران الدير، فأقامت مسرحاً في أوساكا وجعلت ترتزق بالرقص على ذلك المسرح (٤٥)، وكان ظهور المرأة على المسرح- كما هي الحال في إنجلترا وفرنسا بمثابة الثورة واقتراف إثم محرم، ولما كانت الطبقات العليا قد اجتنبت هذه المحرمات (اللهم إلا في خفاء يؤمّنها من الخطر) فقد أوشك الممثلون أن يصبحوا طبقة منبوذة، ليس لهم حافز اجتماعي يدفعهم إلى صيانة مهنتهم من الدعارة والفساد؛ واضطر الرجال أن يقوموا بأدوار النساء، وذهبوا في إتقان تقليد النساء إلى حد لم يستطيعوا عنده أن يخدعوا النظارة فحسب، بل خدعوا أنفسهم كذلك، حتى لقد ظل كثير من هؤلاء الرجال الذين كانوا يمثلون أدوار النساء، ظلوا نساء خارج المسرح (٤٦)، وكان من عادة الممثلين أن يصبغوا وجوههم بألوان زاهية، وربما يرجع ذلك