إلى خفوت الأضواء على المسرح؛ كذلك كانوا يلبسون أردية ذات رسوم فاخرة لكي يدلوا بها على عظمة أدوارهم، ثم لكي يرفعوا من قدر تلك الأدوار؛ وغالباً ما كان يجلس خلف المسرح أو حوله أفراد أو جوقات، تلقي الكلام المراد إلقاؤه، وكان هؤلاء أحياناً هم الذين ينطقون بالكلام بينما يقصر الممثلون أنفسهم على الحركات المناسبة صامتين؛ وأما النظارة فقد كانت تجلس على الأرضية المفروشة بالبُسُط، أو في مقصورات على الجانبين (٤٧).
وأشهر الأسماء التي تصادفك في المسرحية الشعبية في اليابان هو "شيكاماتسو مُنْزايمون"(١٦٥٣ - ١٧٢٤) الذي يقرنه مواطنوه بشكسبير، وأما النقاد الإنجليز فتراهم يمقتون هذه المقارنة، فيتهمون "شيكاماتسو" بالعنف والإسراف والمبالغة في قوة اللفظ وبُعد حبكاته عن الواقع، إلا أنهم يعترفون له "بشيء من القوة والفخامة البدائيتين"(٤٨)؛ والظاهر أن التشابه تام، فتلك المسرحيات الأجنبية بالنسبة لنا تبدو لنا مجرد مسرحيات غنائية، لأنه إما أن يكون معناها أو تكون دقائقها اللغوية خافية علينا، وقد يكون هذا نفسه هو وقع شكسبير على رجل لا يستطيع أن يقدر جمال لغته أو يتابعه في أفكاره، وربما كان "شيكاماتسو" قد غالى في جعل العشاق في مسرحياته ينتحرون على المسرح ليكون انتحارهم بمثابة الذروة التي تعلو إليها حوادث القصة، على نحو ما نرى في رواية "روميو وجوليت"، لكن قد يكون له في ذلك هذا العذر، وهو أن الانتحار في الحياة اليابانية أوشك أن يكون من الشيوع بمثل ما كان على المسرح.
إن المؤرخ الأجنبي عن البلاد، لا يسعه في هذه الأمور إلا أن يسجل، لا أن يصدر حكمه، فالتمثيل الياباني في عيني مُشاهد عابر، يبدو أقل في درجة الرقي والنضوج من التمثيل الأوربي، لكنه أكثر منه قوة ورفعاً لأفئدة