لوجه أو أنهم يسعون لذلك، كما كانوا يزعمون أنهم عاينوا التنوير وجربوه، ذلك التنوير (المعنى هنا أقرب إلى الذوبان في القوى القدسية العليا) الذي ينهي أقسى مشاكل الحياة وأكثرها مرارة.
وكانت أخوية المورافيين Moravian Brotherhood (الأخوية تعني الجماعة الدينية التي يرتبط أفرادها ارتباطا شديدا أساسه الإيمان بمعتقدات واحدة) هي على نحو خاص الأكثر تأثيراً، فقد عانى أفرادها ببطولة صامتة قرونا من الاضطهاد، فقد طردتهم بوهيميا الكاثوليكية وانتشروا في المناطق الألمانية البروتستنتية وأثروا - بعمق - في حياتها الدينية. وقابلت مدام دي ستيل بعضهم وتأثرت بتقواهم وإسهامهم في الأعمال الخيرية وكان ينقش على قبر الواحد منهم إذا مات ولد في يوم كذا وعاد إلى وطنه في يوم كذا وقد آمنت البارونة جولي (باربارا جوليانه) فون كرودنر (١٧٦٤ - ١٨٢٤) Julie (Barbara Juliane) Von Krudener الأثيرة لدي مدام دي ستيل آمنت بمعتقدهم وكانت تدعو إليه بطريقة جذابة حتى إن الملكة لويز Louise البروسية تأثرت بهذه الدعوة، وكذلك تأثر بها لفترة القيصر الروسي إسكندر، لكنهما وإن كانا قد تأثرا بالمعتقد فإنهما لم يستجيبا للمشاركة في الأعمال الخيرية.
وكان الشكاكون Skeptics (المفهوم أنهم شكاكون في المعتقد المسيحي) الذين استنشقوا هواء التنوير الفرنسي هم الطرف الآخر المقابل للباطنيين المسيحيين mystics (المتصوفة المسيحيين) لقد فتح ليسنج Lessing على استحياء عصر التنوير الألماني Aufklarung بالبحث عن أمور أهملها التاريخ وراح ينشر جزءا منها (Fragmente eines ungenannten) في الفترة من ١٧٧٤ إلى ١٧٧٨ وقد عبر هيرمان ريماروس Hermann Reimarus في هذا العمل عن شكوكه في صحة الأناجيل (شكه في أصلها التاريخي)، وبطبيعة الحال كان هناك شكاكون (المفهوم أنهم شكاكون في المعتقد المسيحي) في كل جيل، لكن غالبهم كان يرى الصمت من ذهب، وكان تأثيرهم يتم قمعه إما بالبوليس أو بالتخويف من عذاب الجحيم.
أما الآن فلم تعد أفكار هؤلاء الشكاكين مكتومة فقد وجدت طريقها في محافل البنائين الأحرار (الماسونيين Freemason) ومحافل الروزيكريشيين Rosicrucian (تشكيلات سرية اشتهرت في القرنين ١٧ و ١٨ وزعمت أنها تملك معرفة سرية للطبيعة والدين) وفي