للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعالم تقريرا ظل مأخوذاً به طوال الست الثلاثين سنة التالية. ورحلا على طول ساحل المحيط الهادي (الباسفيكي) إلى ليما Lima فقاس همبولدت حرارة تيارات المحيط ويحمل هذا القياس اسمه حتى الآن. وراقب عبور كوكب عطارد وقام بدراسة كيميائية على الجوانو guano (سماد طبيعي من إفرازات الطيور البحرية) وأظهر إمكانية استخدامه كسماد وأرسل عينات منه إلى أوربا لإجراء مزيد من التحليلات عليه، وبذا كان سببا في أن أصبح هذا السماد الطبيعي واحدا من أهم صادرات أمريكا الجنوبية. وكان الباحثان اللذان لا يكلان قد وصلا تقريبا إلى شيلي فعادا أدراجهما شمالا وقضيا عامين في المكسيك ووقتا قصير ا في الولايات المتحدة ووصلا أوربا في سنة ١٨٠٤ - لقد كانت رحلتهما واحدة من أكثر الرحلات العلمية فائدة في التاريخ.

ومكث همبولدت ثلاث سنوات تقريبا في برلين يدرس فيها ما جمعه من معلومات وكتب كتابه (ملاحظات عن الطبيعة Ansichten der Natur) (١٨٠٧) وبعد ذلك بعام ذهب إلى باريس ليكون قريباً من المراجع العلمية والوسائل المعينة على البحث، وظل في باريس ١٩ عاما حيث نعم بصداقة علماء فرنسا الرواد وحياة الصالونات، وكان واحداً ممن اعتبرهم نيتشه رجال أوربا الصالحين، وقد شهد بهدوء الجيولوجي الاضطرابات الظاهرية (السطحية) - قيام الدول وسقوطها. وصحب فريدريك وليم الثالث في زيارة مع الملوك المنتصرين للندن في سنة ١٨١٤، لكنه كان - في الأساس - منشغلا في تطوير العلوم القديمة أو استحداث علوم أخرى جديدة.

واكتشف في سنة ١٨٠٤ أن القوى المغناطيسية للأرض تقل كلما اتجهنا من أحد القطبين إلى خط الاستواء. وأثرى علم الجغرافيا بدراسته للأصل الناري (البركاني) لبعض الصخور، ودراسته لتكوين الجبال والتوزيع الجغرافي للبراكين. وقدم المبادئ الأولى للقوانين التي تحكم الاضطرابات المناخية وألقى الضوء - بالتالي - على أصل العواصف المدارية واتجاهاتها، وقام بدراسات كلاسيكية للهواء والتيارات البحرية في المحيطات. وكان هو أول من قدم للجغرافيا (١٨١٧) تفسيراً لتساوي درجة الحرارة السنوية في بعض الأماكن رغم اختلاف درجات العرض. لقد اندهش الخرائطيون عندما رأوا في الخريطة التي وضعها همبولدت أن لندن متوسط درجة حرارتها