للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تساوي متوسط درجة حرارة سينسيناتي Cincinnati مع أن لندن تقع إلى الشمال مثل لابرادور Labrador، بينما سينسيناتي إلى الجنوب على خط العرض الذي تقع عليه لشبونة. وبدأ بمقاله عن جغرافية النباتات علما جديداً هو علم الجغرافيا البيولوجية (الحيوية)، ذلك العلم الذي يدرس توزيع النباتات على وفق الظروف الطبيعية (التضاريس) هذا بالإضافة إلى مئات الإسهامات الأخرى ثم نشرها في ٣٠ مجلدا من سنة ١٨٠٥ إلى ١٨٤٣.

لقد كانت إسهاماته هذه تبدو متواضعة في الظاهر لكنها كانت ذات تأثير واسع ودائم. والمؤلف ذو الثلاثين جزءا والذي أشرنا إليه لتونا يحمل عنوان: رحلات همبولدت وبونبلاند Voyages de Humboldt et Bonpland aux regions equinoxiales du nouveau Continent. وأخيرا بعد أن نفدت ثروته لكثرة ما أنفقه على أبحاثه قبل وظيفة يتقاضى منها راتبا فعمل حاجبا في البلاط البروسي (١٨٢٧)، وبعد استقراره في هذه الوظيفة سرعان ما عاد لإلقاء المحاضرات العامة في برلين، تلك المحاضرات التي شكلت فيما بعد أساس مؤلفه ذي المجلدات العديدة والذي يحمل عنوان: الكون Kosmos (١٨٤٥ - ١٨٦٢) الذي كان من بين أكثر الكتب شهرة على مدى أفق الرؤية لدى الأوربيين. وتحدثنا مقدمة الكتاب بتواضع عقل ناضج:

"في الليلة الأخيرة من حياة حافلة، أقدم للشعب الألماني عملاً كانت صورته غير المحددة تتراءى لعقلي لنحو نصف قرن. وكنت مرارا أرنو إلى إكماله لكنني كنت أعتبر هذه الرغبة غير عملية، بل غالبا ما كنت أميل إلى التخلي عنه، إلا أنني عدت مرة أخرى إلى مواصلة العمل فيه، وربما كان هذا طيشاً مني … وكان الدافع الأساسي الذي وجهني هو السعي المتلهف لفهم ظواهر الأمور الفيزيقية في إطار ارتباطاتها العامة بعناصرها وبما هو خارج عنها، وفهم الطبيعة في إطارها العام ككل متكامل عظيم، يتحرك ويحيا ويتفاعل بفعل قوى داخلية".

وترجم الكتاب إلى الإنجليزية في سنة ١٨٤٩، فبلغت صفحاته ألفي صفحة تقريبا، كانت تتناول الفلك والجيولوجيا والأرصاد الجوية والجغرافيا، مظهراً العالم المادي (الفيزيقي) حيا مثيرا للدهشة ورغم هذه الحيوية فإن القوانين الرياضية، وقواعد الكيمياء والفيزياء