للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعشرين من عمره.

لقد اتجه إلى باريس ليعيش فيها فشعر بفورانها فراح يتفكر في النزعة إلى الشك المتوارثة في الفلسفة المثالية الألمانية: إذا كنا لا نعرف إلا أقل القليل عن الكون كما ندركه بوعينا، فلن نعرف الحقيقة أبدا. شيء واحد مؤكد فالكل مصيره للتراب: فلاسفة وعلماء وشعراء وقديسون ومتسولون ومجانين. لقد فقد كلايست الشجاعة لمواجهة واقع غير قائم على أساس وطيد، لقد رفض مواجهته وقبوله والاستمتاع به وانتهى إلى أن عبقريته وهم وكتبه ومخطوطاته عبث، وفي لحظة يأس حرق كل ما كان معه منها وحاول الانضمام إلى جيش نابليون المتأهب لعبور القنال الإنجليزي، وفي ٢٦ أكتوبر سنة ١٨٠٣ كتب إلى أخته التي أحبها حبا يفوق الوصف:

"ما سأذكره لك قد يكلفك حياتك، لكن لا بد، لا بد من قوله لك. لقد درست وأمعنت مرة أخرى في عملي (مؤلفي) فرفضته وأحرقته. والآن حلت النهاية. السماء تنكر عليّ الشهرة - وهي أعظم ما يمكن أن يناله المرء في الدنيا، لكنني كطفل متقلب سأقذف بكل ما بقي أمامها (السماء). لا أستطيع أن أرى نفسي جديرا بصداقتك، وبدون صداقة لا أستطيع العيش. إنني أختار الموت. كوني هادئة، فسأموت ميتة جميلة. سأموت سامياً في معركة. لقد غادرت عاصمة البلاد واتجهت إلى سواحلها الشمالية وسألتحق بالخدمة العسكرية الفرنسية وسرعان ما سيركب كل الجنود السفن في الطريق إلى إنجلترا، ودمارنا جميعا رهن بالبحر. إنني مبتهج لهذا القبر الفخم. وستكونين يا حبيبتي آخر ما أفكر فيه".

لكن خطته أن يكون جنديا ألمانيا في الجيش الفرنسي أثارت الشكوك حوله، فطرد من فرنسا بإصرار من السفير البروسي، وبعد ذلك بوقت وجيز أعلنت فرنسا الحرب على بروسيا، وفي سنة ١٨٠٦ دمر نابليون الجيش البروسي بل ودمر تقريبا بروسيا نفسها، وبحث كلايست عن ملجأ له في دريسدن لكن العسكر الفرنسيين قبضوا عليه ظانين أنه جاسوس فقضى في السجن ستة أشهر وعندما عاد إلى دريسدن انضم إلى مجموعة وطنية من الكتاب والفنانين وتعاون مع آدم ميلر Muller في تحرير دورية أسهم فيها بكتابة بعض من أجمل مقالاته.

وفي سنة ١٨٠٨ نشر مسرحية تراجيدية (Penthesilea) كانت بطلتها