تعاني من حمى الحرية التي جعلت أهل باريس - وهم الأكثر أدباً وتهذيبا في العالم - ظمأى لدماء الأرستقراطية … عندما يعود الشعب لنفسه - عاجلا أم آجلا - ألن يدرك أنه أصبح يقاد رغم أنفه من ١٢٠٠ طاغية صغير، بعد أن كان يحكمه ملك؟ … ولا يمكن أن تكونوا أكثر اقتناعا - وبعمق - مني بأن أمتكم كانت مخطئة لتحمل مثل هذا الحكم السيئ لفترة على هذا القدر من الطول، ذلك أن أفضل شكل من أشكال الحكومات هو الذي يفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ويوازن بينها، بحيث، بحيث يكون لكل شيء حق لازب لا يمكن إلغاؤه، حق في الحرية بحيث لا تتعارض مع النظام، وأن الضرائب لا بد أن تكون متناسبة مع الدخل، وأن يدفع الجميع الضرائب على وفق المبدأ السابق دون استثناء.
وفي سنة ١٧٩١ كتب أنه لم يكن يتوقع أبدا أن يتحقق حلمه بالعدالة السياسية هكذا سريعا بإعدام لويس السادس عشر لقد حول إعدام الملك في يناير ١٧٩٢ من مشاعره المؤيدة للثورة إلى مشاعر عداء لها. لقد عادى الثورة، وساءه كثيرا عهد الإرهاب، ونشر بعد ذلك في العام نفسه (كلمات في أوانها) وصل فيها إلى بعض النتائج المعتدلة:
"لا بد أن يواصل المرء دعوته حتى يستمع الناس ويقنعوا بأن البشر يمكن أن يصبحوا أسعد حالا إذا أصبحوا أكثر تحكيما للعقل وأكثر مراعاة للأخلاق .. بهذا فقط يمكن أن يتقدموا .. فالإصلاح لا يجب أن يبدأ بالدساتير وإنما بالأفراد. إن كل الظروف اللازمة للسعادة موجودة فعلا في بلادنا"(ألمانيا).
وكان جوهان جوتفرايد فون هيردر Gottfried Von Herder هو آخر من استقر من الأربعة في فيمار وأول من مات منهم، وقد أدان الثورة الفرنسية بعد أن كان يطريها عندما قام الثوار بإعدام الملكة بالمقصلة. لقد أدان الثورة عندها باعتبارها - أي الثورة - انتهاكا وحشيا للمثل الإنسانية. وفي آخر سني عمره عاد إليه الأمل فرغم أن الثورة الفرنسية قد أصابها الجنون المبكر، فإنها قد أحرزت تقدما في أوربا هو التقدم الثاني بعد ذلك الذي أحرزته حركة الإصلاح الديني (حركة لوثر ورفاقه).
لقد أنهت الثورة الفرنسية تحكم الإقطاعيين في الناس، كما أنهت حركة الإصلاح الديني هيمنة الباباوية على عقول