السابق ذكره مؤداها أنه رغم أن الوحي لا يقدم دليلاً على وجود الله،
فلابد أن نعزو نظامنا الأخلاقي لله، إن أردنا أن يكون هذا النظام مقبولا ومطاعا من الجنس البشري وبناء على توصية كانط وجد فيشته وظيفة كمعلم ومرشد في دانزج، وكانت وظيفة ذات عائد مجز، ووافقت خطيبته الآن على أن تضم مدخراتها لما يأتيه من دخل، وتزوجا في سنة ١٧٩٣، ونشر في العام نفسه أيضا مقالين قويين دون أن يقرنهما باسمه. وفي مقال (ملوك أوربا وأمراؤها يعيدون حرية الفكر) بدأه بامتداح بعض الحكام المتنورين وتوجيه اللوم للملوك والأمراء الذين يعوقون تقدم العقل البشري، وحزن لموجة القمع التي أعقبت وفاة فريدريك الكبير. إن الإصلاح reform أفضل من الثورة revolution لأن الثورة قد تقذف بالإنسان إلى الخلف وترده إلى البربرية، ومع هذا فالثورة الناجحة قد تحقق تقدما للبشرية في نصف قرن ما يحققه الإصلاح في ألف عام. ثم خاطب فيشته قراءه في زمن كان الإقطاع فيه لا يزال راسخا في معظم أنحاء ألمانيا:
"لا تكرهوا حكامكم بل اكرهوا أنفسكم. إن أحد مصادر بؤسكم هو تقديركم المفرط لهؤلاء الأشخاص (الحكام) الذين ضلت عقولهم لنقص التعليم والانغماس في اللذات والخرافة … هؤلاء هم الذين يبذلون كل جهدهم لقمع حرية الفكر … اصرخوا في وجوههم قائلين لهم إنكم لن تسمحوا لأحد أن يسلبكم حرية فكركم …
لقد انتهت عصور الظلمة .. عندما يقولون لكم باسم الرب إنكم قطيع من المواشي خلق ليستغل وليخدم حفنة من الأشخاص الفانين (أي أنهم بشر مثلكم) بوئوا مكاناً عليا ليمتلكوكم وتصبحوا ملكاً لهم .. لا .. إنكم لستم ملكاً لهم، ولا حتى أنتم ملك للرب، إنكم ملك أنفسكم .. ستسألون الآن الأمير (أو الملك) الذي يريد أن يحكمكم. بأي حق ستحكمنا؟ فإن قال بحق الوراثة، فلتسألوه: وكيف حصل جدك الأول (مؤسس الأسرة الحاكمة) على هذا الحق؟ .. إن الحاكم يستمد كل سلطانه من الشعب".
أما مقاله الثاني فهو عن تصحيح الأحكام العامة عن الثورة الفرنسية فهو الأكثر راديكالية. فالمزايا الإقطاعية لا يجب أن تكون متوارثة، وإنما هي وجدت برضا الدولة ولابد من إلغائها بما يتفق مع مصلحة الدولة. والأمر نفسه بالنسبة إلى الممتلكات الكنسية. لقد تم إقرارهم بموافقة