للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جزء فيه بخدمة الكل من خلال أدائه لما هو منوط به - جعله هو نفسه الله. فهدف الإنسان الحر وواجبه هو أن يعيش في تناسق harmony (هارمونية) مع هذا النظام الأخلاقي المقدس. وعلى هذا فالنظام الأخلاقي الكوني ليس مجرد (شخص) وإنما هو (عملية) ويظهر أي هذا النظام بشكل أساس في التطور الأخلاقي للبشرية. فمهمة الإنسان هي أن يعيش متناسقا (في هارمونية) مع النظام المقدس (بالمعنى السابق). كل هذا يذكرنا مرة أخرى باسبينوزا لكننا نجد فيشته أيضا في سياق آخر متأثرا بهيجل:

"فالنفس الفردية أو الروح الفردية فانية ومع هذا فهي تسهم في خلود هذا (الكل) من النفوس الواعية التي هي الأنا Ego الخالصة أو الفكرة أو الروح".

إننا عند تناولنا لفلسفة فيشته نحس بقلق إنسان يتلمس طريقه بعد أن فقد إيمانه الديني المتوارث لكنه يناضل كي يجد لنفسه وقرائه أو تلاميذه طريقا وسطاً بين الإيمان والشك. وفي سنة ١٧٩٨ واجه المشكلة (القضية) مرة أخرى في مبحثه (على أساس معتقدنا في الحكم المقدس للكون العالم). لقد أعاد مفهومه لله سبحانه رافضا أن يكون الله شخصا (مشخصا) وإنما هو النظام الأخلاقي غير المشخص للكون، لكنه (أي فيشته) سمح بأن يعزى إلى هذا النظام شيء من (الشخصية) أو (التشخيص) (أي جعله مشخصا على نحو قليل) لإضفاء الحيوية.

وعلى أية حال فقد أضاف أننا لو تصورنا الله كطاغية اعتمادا على ما سيقدمه لنا من مسرات ومباهج في المستقبل، فمعنى هذا أننا نعبد وثنا، والذين يعبدون إلها على هذا النحو حري بنا أن نسميهم وثنيين.

وظهر مقال لم يذكر اسم مؤلفه يصف مبحث فيشته السابق بأنه مناهض للدين (المفهوم طبعا المسيحية بمعناها التقليدي) وشارك آخرون في الهجوم، فصادرت حكومة سكسونيا Saxony كل النسخ المتاحة من مبحث (مقال) فيشته، وقبلت شكوى مؤداها أن حكومة فيمار تسمح للإلحاد (المقصود هنا الخروج عن العقيدة المسيحية التقليدية) بأن يصبح موضعا للدرس في مناطقها. وحاولت اللجنة التعليمية في فيمار تهدئة الأمر برد مهذب على السكسونيين، لكن فيشته لم يكن مسالما فأصدر نشرتين (كتيبين) للدفاع عن كتابه (١٧٩٩) أمام العامة، كانت نشرة منهما تحوي ردا مباشرا (نداء للجماهير)، فاعتبرتها لجنة