للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتعزز سواء كانت رغبة صالحة أم شريرة. ولا يجب أن ندين ما هو مفعم عاطفة وحماسا، فلا شيء عظيما في العالم يمكن تحقيقه دون عاطفة إنها قد تؤدي للألم لكن هذا الألم لا يساوي شيئا إن أسهم في الوصول إلى النتيجة المرغوبة. فالحياة لم توجد للسعادة وإنما لتحقيق الإنجاز.

هل الإرادة (أي رغباتنا) حرة؟ نعم لكن ليس بمعنى عدم الخضوع للسببية أو مبدأ العلية أو القانون. إنها حرة بقدر ما تتفق مع قوانين الواقع ومنطقه، فالإرادة الحرة هي التي ينورها الفهم ويرشدها العقل. فلا يكون التحرر الحقيقي - بالنسبة إلى الأمة أو الفرد - إلا من خلال تطور الفكر، والفكر معرفة منظمة ومستخدمة. فالحرية في ذروتها هي في المعرفة بالمقولات (بالمفهوم الهيجلي السابق ذكره) وعملياتها في مسار الطبيعة وفي اتحادها مع الفكرة المجردة (بالمفهوم الهيجلي) Absolute idea التي هي الله، وتناسقها معه. وهناك ثلاثة مناهج يمكن للإنسان من خلالها أن يقترب من هذه الذروة من الفهم والحرية: عن طريق الفن والدين والفلسفة. وباختصار ففي كتابه علم وصف الظواهر Phanomenologie وفي كتابه الآخر الذي نشر بعد وفاته عن علم الجمال Vorlesungen uber Aesthetik) (حاول هيجل أن يخضع الطبيعة وتاريخ الفن لفكرته ثلاثية الأبعاد (الفكرة ونقيضها والجمعية)، وكان عرضه في كتابه الثاني Vorlesungen أكثر تفصيلا. واتفق أن استوحى معلومات مدهشة عن العمارة والنحت والرسم والموسيقى، ومعلومات مفصلة عن مجموعة الأعمال الفنية في برلين ودريسدن وفيينا وباريس والأراضي المنخفضة. لقد شعر أن الفن هو محاولة عقلية (نفسية) - بالبديهة أو الحدس intuition أكثر منها بالمنطق والحجج العقلية (ومعنى قولنا بالحدس أو البديهة ينطوي على خبرة مباشرة وموسعة وإدراك حسّي مستمر)، والفن كمحاولة عقلية (نفسية) يقدم لنا معنى روحيا (معنويا) من خلال وسائط متعلقة بالحواس. لقد تعرف ثلاثة عهود للفن:

(١) الشرقي Oriental حيث وجدنا العمارة تعمل على تدعيم الحياة الروحية والرؤى الباطنية (الصوفية) من خلال المعابد الضخمة كما في مصر والهند.

(٢) الكلاسيكيات الإغريقية الرومانية التي تحول المثل المنطقية والعقلية ممثلة في التوازن والهارمونية من خلال أشكال نحتية كاملة (متسمة بالكمال).

(٣) الرومانسية المسيحية التي راحت