للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد هو mind (عقل أو نفس) لكن في بعض السياقات سنجد من الأفضل استخدام كلمة روح spirit كما في عبارة روح العصر Zeitgeist. والجايست Geist (العقل أو النفس) ليس جوهراً منفصلا أو وجودا (أو كينونة) كامنا خلف النشاطات النفسية (السيكولوجية)، بل إنه هو هذه النشاطات نفسها. فليس هناك ملكات عقلية أو نفسية faculties منفصلة وإنما هناك فقط العمليات الفعلية التي تحول بها التجربة إلى فعل action أو فكر.

وقد جعل هيجل الجايست (العقل أو النفس) في واحد من تعريفاته الكثيرة مساويا للوعي. والوعي بطبيعة الحال هو سر الأسرار لأنه - أي الوعي - يشبه العضو الذي يفسر التجربة ولكنه لا يستطيع أن يفسر نفسه. ومع هذا فإنه - أي الوعي - أكثر الحقائق جدارة بالملاحظة والإدراك بالنسبة إلينا. والمادة Matter التي قد تكون خارج العقل تبدو أقل غموضا رغم أن معرفتنا بها أقل مباشرة. وهيجل يتفق مع فيشته في أننا نعرف الأشياء فقط بقدر ما هي جزء منا كموضوعات مدركة (كموضوعات يمكن إدراكها)، لكنه - أي هيجل - لم يشكك أبدا في الكون الخارجي (الموجود خارج النفس أو العقل)، فعندما يكون المدرك (بضم الميم وفتح الراء) كائناً آخر بتفاعله مع العقل، يصبح الوعي واعيا بذاته عن طريق التضاد (نقيض الفكرة) عندئذ تولد الأنا (الإيجو Ego) بشكل واع وتصبح مدركة (بشكل غير مريح). إن الصراع (أو التنافس) هو سنة الحياة. ثم يقول فيلسوفنا الصارم إن كل إنسان يهدف إلى تدمير الآخر وموته ويظل الصراع حتى يقبل أحد الطرفين التبعية أو يكون مصيره الموت. وفي هذه الأثناء تتغذى الأنا Ego بالتجربة كما لو أنها مدركة أنها يجب أن تتسلح وتتقوى لخوض تجارب الحياة ومحنها.

كل هذه العملية المعقدة التي تحول بها المحسوسات إلى مدركات (بضم الميم وفتح الراء) تخزن ذلك في الذاكرة وتحولها إلى أفكار يتم استخدامها في تنوير الرغبات وتلوينها وخدمتها، تلك الرغبات التي تشكل الإرادة. فالأنا Ego هي بؤرة الرغبات وتعاقباتها ومكوناتها، فالمدركات الحسية والأفكار والذكريات والتفكير المتروي مثل الأذرع والسيقان هي أدوات للنفس أو الأنا Ego تبحث عن البقاء والمسرة والقوة. وإذا كانت الرغبة عنيفة مفعمة عاطفةً، فإنها