للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخلاق والقانون كعنصرين لازمين بينهما صلة قربى لدعم الأسرة والدولة والحضارة. وقد تناول هيجل كل ذلك في مجلد فخم ترك تأثيرا دائما في شعبه الألماني.

كان الفيلسوف عند تأليفه هذا الكتاب قد دخل عقده السادس. لقد أصبح معتادا على الاستقرار مشبعاً بالرضا. وكان يتطلع لشغل منصب حكومي. وكان قد أصبح بالفعل محافظا وهو الاتجاه المناسب لهذه الحقبة من العمر. وأكثر من هذا فقد كان الموقف السياسي قد تغيرا كبيرا منذ أن احتفى (أي هيجل) بفرنسا وأعلن إعجابه بنابليون: كانت بروسيا قد هبت حاملة السلاح ضد نابليون وحاربت بقيادة بلوشر Blucher وأطاحت بالمغتصب، وأصبحت بروسيا الآن تعيد ترسيخ نفسها على أسس فريدريكية Frederican أساسها جيش منتصر وملكية إقطاعية كدعامتين للاستقرار بين شعب أصابه فقر مدقع بسبب تكاليف الحرب التي انتصر فيها، وعمته الفرضي وراوده الأمل في الثورة وكبحه الخوف منها.

وفي سنة ١٨١٦ نشر جاكوب فريز Jadob Fries الذي كان وقتها يشغل منصب أستاذ الفلسفة في جامعة يينا Jena بحثا عن الكونفدراليه الألمانية والدستور السياسي لألمانيا Von Deutschem Bund & Deutscher Staatsverfassung عرض فيه الخطوط العريضة لبرنامج إصلاح أرعب الحكومات الألمانية فأصدرت مراسم عنيفة في كونجرس كارلسباد (١٨١٩) وطرد فريز من منصبه كأستاذ للفلسفة وأعلن مسئولو الشرطة أنه خارج حماية القانون (مهدر الدم).

لقد خصص هيجل نصف مقدمة كتابه (عن فلسفة الحق) لمهاجمة فريز Fries باعتباره مغفلاً خطرا واتهمه بأن مثال لضحالة التفكير. لقد كان فريز يرى "أن شعبا يحكمه حاكم شعبي أصيل لابد أن يتلقى كل ما يتعلق بالأمور العامة (التي تخص الشعب) من الشعب نفسه" وقد اعترض هيجل ذاكراً "أن هذا الرأي يعنى أن عالم الأخلاق سيترك للتقييم الذاتي (غير الموضوعي) وللأهواء. فبالعلاج الأسري البسيط الممثل في أن نعزو للشعور عمل العقل والفكر يمكن بطبيعة الحال أن نتخلص من كل الاضطرابات في البصيرة والمعرفة التي يوجهها التفكير المحفوف بالمخاطر" وصب الأستاذ الغاضب (فريز) جام غضبه واحتقاره على فلاسفة الحواري (يقصد هيجل من بينهم) الذي يقيمون دولاً متسمة