للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكمال بسبب الأحلام الوردية غير الناضجة. وأعلن فريز موقفه ضد هذا التفكير المرغوب فيه، باعتباره أساسا واقعيا لفلسفته (فلسفة هيجل) سواء السياسية أو الميتافيزيفية - وهو مبدأ ما هو عقلي فهو عملي واقعي، وما هو واقعي عملي فهو عقلي. (إن ما يفرضه منطق الأحداث، هو ما يجب أن يكون في ظل الظروف نفسها) وهاجم الليبراليون الألمان المؤلف (هيجل) باعتباره طالب دنيا يبحث عن منصب ويخدم الوضع القائم وباعتباره الفيلسوف المكلل بالغار لحكومة رجعية.

إن الحضارة تحتاج للأخلاق والقانون معا مادامت تعني أن نعيش كمدنيين (مواطنين civis) في مجتمع، ولا يمكن أن يظل المجتمع قائما إلا في ظل تقييد الحرية لضمان الحماية (للآخرين). لابد أن تكون الأخلاق ميثاقا عاما لا مجرد نزعة فردية. فالحرية في ظل القانون بناءة، والحرية بعيدا عن الالتزام بالقانون مستحيلة في الطبيعة ومدمرة في المجتمع تماما كما حدث في فرنسا في بعض مراحل الثورة.

فالقيود التي تفرضها الأخلاق المعتادة على الحرية الفردية هي الأقدم والأشمل والأكثر دواما (الأحكام الأخلاقية تتطور مع تطور المجتمع). وما دامت مثل هذه القواعد الأخلاقية تنتقل أساسا من خلال الأسرة والمدرسة والكنيسة، فهذه المؤسسات أساسية للمجتمع وتشكل أعضاءه الحيوية. وعلى هذا فمن الحمق أن نترك الأسرة تقوم على أساس زواج الحب، فالرغبة الجنسية لها حكمتها البيولوجية في استمرار النوع واستمرار المجتمع، ولكنها أي الرغبة الجنسية لا تنطوي على حكمة اجتماعية تعين على حياة مشتركة طوال العمر لرعاية الممتلكات والأطفال. ولابد أن يكتفي الرجل بزوجة واحدة، كما لابد أن توضع العراقيل أمام الطلاق ولابد أن تكون ممتلكات الأسرة مشاعا لها لكن إدارتها لابد أن تقع على كاهل الزوج. "وللمرأة دورها المهم في الأسرة من حيث إخلاصها لها وبالتزامها الأخلاقي".

ولا يجب أن يقيم التعليم أصناما للحرية واللعب (كما هو الحال في فكر بيستالوزي Pestalozzi وفيشته)، فالنظام هو عصب الشخصية، ومعاقبة الأطفال المقصود منها هو منعهم من ممارسة الحرية فهذا المنع موجود في الطبيعة، لتكون القضايا الكلية في وعيهم وإرادتهم.