ولا يجب أن نقيم وثنا للمساواة، فنحن سواء فقط من حيث أن لكل منا روحا، ولا يجب أن نكون أداة لشخص آخر، لكن الواقع يقول إننا لسنا سواء، سواء من الناحية الجسمية أو من ناحية قدراتنا العقلية. وأفضل النظم الاقتصادية هي التي يتاح فيها لذوي القدرات الأعلى تطوير أنفسهم مع إتاحة حرية نسبية لتحويل الأفكار الجديدة إلى حقائق إنتاجية. ولابد أن تكون الملكية خاصة وبدون هذا لن يكون هناك حافز لذوي القدرات الأعلى لإجهاد أنفسهم. ولابد لتحقيق أهداف الحضارة من الإبقاء على الدين كأداة مثلى لأنه يربط الفرد بالكل.
ما دام الدين عاملا متكاملا مع الدولة، يزرع معنى الوحدة في أعماق نفوس الناس، فلابد - حتى - أن تطلب الدولة من كل مواطنيها أن يكونوا أعضاء في الكنيسة. فالدولة لا يمكنها أن تتداخل مع الكنيسة لأن إيمان الفرد قائم على أفكاره الخاصة.
ولابد أن تكون الكنائس منفصلة عن الدولة لكن لابد على الكنائس أن تنظر للدولة كأمر متمم للعبادة يكون فيه هدف الدين توحيد الفرد مع الكل بقدر ما تسمح الإمكانات في هذه الدنيا. فالدولة إذن هي أسمى إنجاز بشري. إنها عضو organ المجتمع المنوط به حماية الشعب وتطويره، إذ يقع على كاهلها والتوفيق بين النظام الاجتماعي من ناحية والنزوع الطبيعي للفردية، والصراع والغيرة بين المجموعات الداخلية (في داخل المجتمع) من ناحية أخرى. والقانون هو حرية الإنسان المتحضر لأنه يحرره من الظلم ويحميه من الخطر في مقابل موافقته على ألا يُلحق بالمواطنين الآخرين ظلما أو يعرضهم للخطر.
فالدولة هي بالفعل الحرية الرصينة وكي تتحول الفوضى إلى حرية منضبطة لابد أن يكون لدى الدولة الصلاحية بل وحق استخدام القوة في بعض الأحيان، فالشرطة أمر ضروري وفي الأزمات مع القوى الخارجية يكون التجنيد الإلزامي ضروريا أيضا. لكن إذا كانت الدولة جيدة التنظيم حسنة الإدارة لأمكنها أن تدعى أنها تنظيم عقلي. وبهذا المعنى يمكننا أن نقول عن الدولة ما قلناه عن الكون ما هو عقلي هو حقيقي واقع، وما هو حقيقي واقع هو عقلي. هذه ليست يوتوبيا - المدينة الفاضلة (utopia) ، فاليوتوبيا غير حقيقية. أكان هذا تقنينا مثاليا لبروسيا في سنة ١٨٢٠؟ ليس تماما. فعلى النقيض من هذا النظام، أخذت على عاتقها