الصفحات الأخيرة من كتابه (فلسفة التاريخ) يثبت أن هذا المحافظ العجوز لم ينبذ تماماً أفكار شبابه.
واعتبر هيجل أن الخطأ الرئيسي للثورة الفرنسية هو معاداتها للدين. فالدين هو ذروة العقل وسنام العمل. ومن السخف أن نعتقد أن القسس قد ابتدعوا الدين ليخدعوهم به ويحققوا لصالحهم المكاسب من ورائه وعلى هذا فمن الغباء أن نظن أننا قادرون على إنشاء دساتير سياسية بمعزل عن الدين. فالدين هو الجو العام الذي تعطي الأمة نفسها من خلاله معياراً لما هو صحيح True، … وعلى هذا ففكرة الله God تكوِّن الأساس العام لطبيعة (شخصية) أي شعب.
وعلى العكس من ذلك فالشكل الذي يتمثل فيه التجسيد الكامل للروح Spirit هو الدولة فالدولة كاملة التطور تصبح هي أساس كل عناصر حياة الشعب الأساسية، ومحورها - فناً وتشريعاً وأخلاقاً وديناً وعلوماً وبتأييد الدين ودعمه تصبح الدولة مقدَّسة.
لقد راح هيجل يطبق ديالكتيكه في مجال بعد آخر متطلعاً إلى تأسيس نظام فلسفي موحّد يتم شرحه بصيغة فلسفية واحدة. وقد أضاف تلاميذه إلى فلسفته للتاريخ مؤلفاً آخر نشر بعد وفاته وهو تاريخ الفلسفة. فالنظم (الفلسفية) القديمة المشهورة في تحليل الكون - في هذه النظرة - تتبع نسقاً مرتبطاً بشكل أساسي بتطور المقولات (بالمفهوم الهيجلي) في المنطق Logik (بالمفهوم الهيجلي أيضاً). لقد ركز بارمينيدز Parmenides على الوجود Being والاستقرار أو الثبات Stability، وركز هيراكليوتس Heracleitus على الصيرورة والتطور والتغير. ورأى ديموقرايطس Democritus (مادة) موضوعية أما أفلاطون فرأى فكرة ذاتية (غير موضوعية) وكان أرسطو هو الذي قدم الجمعية Synthesis (بالمفهوم الهيجلي).
وكل نظام (فلسفي)، ككل مقولة وكل جيل يطوّق النظم السابقة عليه ويضيف إليها، لذا ففهم آخر النظم الفلسفية فهما كاملا يتطلب فهمها جميعا. فكل ما يحرزه جيل من تقدم في المعرفة والإبداع يرثه الجيل الذي يليه. ويشكل هذا الميراث روحه وجوهره الروحي ولما كانت فلسفة هيجل هي الأخيرة في سلسلة الفلسفات العظيمة، فهي