للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدماء اختلطت أيضا الذكريات الوطنية (العرقية) واللهجات حتى لم تعد لغة الحديث العامة وثيقة الصلة باللغة اليونانية التي كانت سائدة أيام أفلاطون.

ومع هذا احتفظ العلماء والشعراء والوطنيون بشيء من بلاء الإغريق الكلاسيكية وبذكرى أحد عشر قرنا (٣٩٥ - ١٤٥٢) كان اليونانيون خلالها يحكمون الإمبراطورية البيزنطية (الدولة الرومانية الشرقية) واستمروا طوال هذه القرون يثرون العلم والفلسفة والفن. لقد ألهبت أخبار الثورة الفرنسية هذه الذكريات وجعلت اليونانيين يندهشون مع لورد بايرون (في ديوانه شايلد هارولد Childe Harold) ويتساءلون لم لا تعود اليونان حرة كما كانت؟ وأعاد ريجاس فيروس Rhigas Pheraios (١٧٥٧؟ - ١٧٩٨) كتابة نشيد المارسليز باليونانية وحوره بما يناسب أوضاع اليونان، ونشره على نطاق واسع، وكون جمعية تهدف إلى ربط اليونانيين والأتراك معا على أساس من الحرية والمساواة وكان ريجاس قد وُلد في فاليشيا (في رومانيا الحالية) في مدينة تيسالي Thessaly وعاش في فيينا

وذهب قاصدا اليونان في سنة ١٧٩٧ ومعه صندوق ملئ بالمنشورات فتم القبض عليه في تريست وأعدم في بلجراد. وتم تكوين جمعية hetairia أخرى في أوديسا Odessa امتدت في سائر بلاد اليونان وشاركت في تهيئة اليونان للثورة. وكرس كوريز Koraes (١٧٤٨ - ١٨٣٣) العنيد نفسه لتنقية لغة الحديث اليونانية ليجعلها أقرب ما تكون إلى اليونانية القديمة. وكوريز هذا يوناني من سميرنا Smyrna استقر في باريس في سنة ١٧٨٨، وقد ابتهج لقيام الثورة الفرنسية وراح ينشر المنشورات وينشد القصائد التي لم يكن يعزوها لنفسه (جعلها مجهولة المؤلف) كما راح يطبع التراث اليوناني الكلاسيكي، فنشر بذلك الأفكار الجمهورية والأفكار المناهضة للكنيسة - رغم أنه حذر من أن الثورة قد تكون مبتسرة (أي أتت قبل الأوان). كانت جهوده هذه في سنة ١٨٢١ ولم تأت سنة ١٨٣٠ إلا وكانت اليونان حرة.

ولم تكن الحكومة التركية في ظل ظروف العصر والموقع أكثر جورا بشكل واضح - من حكومات أوربا قبل سنة ١٨٠٠. لقد صدم بايرون (٢١ مايو ١٨١٠) وهو يرى رؤوس المجرمين المقطوعة معلقة على جانبي بوابة سيراجليو Seraglio لكن لابد أن نسلم بأن، ما جزته مقصلة الحكومة الثورية الفرنسية من رؤوس الرجال والنساء كان أكثر من الرؤوس التي أمر السلاطين