الطبقات أقل استعارا بين البروليتاريا وأصحاب الأعمال منها بين طبقة التجار الصاعدة - التي كان أفرادها يئنون من وطأة الضرائب - والنبلاء المعفيين من أداء الضرائب.
وكان التفاوت بين الطبقات حادا وكان القانون يقننه ويرسم له حدودا، ومع هذا فقد كان هذا التفاوت الطبقي يقل رويدا رويدا كلما تطور الاقتصاد وانتشر التعليم. وكان الحكام الروس قبل بطرس الأكبر غير مرتاحين للمدارس لأنها تفتح الطريق لراديكالية غرب أوربا، وللعقوق (اللاتقوى) ومع هذا فإن بطرس - رغبة منه في أن يكون مقبولا لدى الغرب الأوربي - أسس مدارس للبحرية والهندسة ليدخلها أبناء النبلاء ومدارس أبرشية لإعداد القسس، واثنتين وأربعين مدرسة ابتدائية يدخلها أبناء كل الطبقات ما عدا أبناء الأقنان، وكانت هذه المدارس تنحو نحواً حرفيا (تكنولوجيا).
وفي سنة ١٧٩٥ أسس ب. ا. شوفالوف P.A.Shuvalov جامعة موسكو بقسمين؛ قسم للنبلاء وآخر للعوام، وتأثرت كاترين بأفكار المثقفين الفرنسيين فنشرت المدارس على نطاق واسع، ودافعت عن حق المرأة في التعليم. وسمحت بإقامة دور نشر خاصة، فقد صدر في أثناء فترة حكمها ٨٤% من إجمالي الكتب التي نشرت في روسيا في القرن الثامن عشر. وبحلول عام ١٨٠٠ كان في روسيا بالفعل طبقة مثقفين (أهل الفكر) سرعان ما ستكون ذات شأن في التاريخ السياسي للأمة الروسية. وبحلول هذا العام أيضا (١٨٠٠) وصل بعض التجار أو أبناء التجار إلى مواقع النفوذ، بل ووصل بعضهم إلى مناصب في البلاط. ورغم لاهوت الأساقفة والقسس المحليين - ذلك اللاهوت المتسم بالحرارة والتوقد - فإن مستوى الأخلاق والطباع كان بشكل عام أدنى في غرب أوربا فيما عدا لدى القلة في البلاط.
فغالب الروس كانوا طيبي القلب وكرماء، وربما يرجع ذلك إلى أنهم كانوا ينظرون إلى الآخرين كشركاء لهم في المعاناة في عالم قاس. لكن البربرية كانت تغلي في الروح متذكرة أياما كان على المرء فيها أن يكون قاتلا أو مقتولا. وكان الإغراق في الشراب ملجأ للراحة هروبا من الواقع حتى بين النبلاء، وكانت الحياة غير المستقرة التي عانى منها الكتاب والمؤلفون سبباً لإدمانهم الكحول وسبباً لموتهم المبكر. وانتشر المكر والكذب والنشل (السرقات الصغيرة) بين العوام، فكل حيلة بدت لهم جائزة في مواجهة السادة القساة، والتجار الغشاشين وجامعي الضرائب اللحوحين.