إيفان ابنا لجندي بسيط في الجيش ربما أخذ من معسكرات الجيش بعض الخشونة في الحديث وبعض الشتائم الحادة التي جعلت كوميدياته حادة حتى أدمت الأوضاع القائمة، وعندما أجبرته الحكومة على السكوت انسحب من مجال الأدب إلى مجالات عملية أخرى - عمل مدرسا وسكرتيرًا ومقامرا ولاعب ورق محترف ..
وفي سنة ١٨٠٩ أصدر كتابا عن الحكايات والنوادر على ألسنة الحيوانات والطيور جعلت كل من يقرأها يغرق في الضحك على الجنس البشري إلا القارئ (أي أن القارئ في هذه الحال لا يضحك على نفسه ظنا منه أنه مستثنى من النقد والسخرية الواردين في الحكاية). وكانت بعض هذه الحكايات - كما جرت العادة غالبا في كتب الحكايات - تعكس ما رواه قصاصون سابقون، خاصة لافونتين La Fontaine وتعرض معظم حكاياته - على ألسنة الأسود والأفيال والغربان وفلاسفة آخرين - الحكمة الشعبية في أشعار شعبية يتكون البيت الواحد منها من مقطع قصير وآخر طويل، يتفق طوله مع المناسبة.
وأعاد كريلوف اكتشاف أسرار الراوين الكبار لهذه الحكايات - إنها الحكمة الوحيدة المفهومة الواضحة أعني بها حكمة الفلاحين التي تظهر فيها الذات واضحة دون رياء أو غطاء كاذب. لقد عرض كريلوف رذائل الناس وغباءهم وخداعهم وفسادهم، وكان من رأيه أن هجاءه هذا كله وتعريته كتعليم وإرشاد يفوق تأثير شهر في السجن. ولم يكن هناك من يظن أن الحكاية تنطبق عليه - سوى قليل من القراء - لذا فقد أقبل القراء بشغف على شراء هذا المجلد الصغير (بيع منه أربعون ألف نسخة في عشر سنوات)، وكان هذا الإقبال غريبا في بلاد تعد معرفة القراءة والكتابة فيه مدعاة للفخر.
وراح كريلوف Krylov يدمي مجتمعه بشكل دوري بنشر عشرة مجلدات أخرى في الفترة من ١٨٠٩ إلى ١٨٤٣. ولأن الحكومة كانت ممتنة لكريلوف لتحفظه بشكل العام فقد عينته في المكتبة العامة، فتولى منصبه راضيا كسولا حتى أتى يوم - وكان في الخامسة والسبعين من عمره - تناول فيه عدد كبيرا من طيور الحجل فمات.
٨ - إسكندر ونابليون من ١٨٠٥ إلى ١٨١٢ م
كاد كل منهما (إسكندر ونابليون) يصلان إلى السلطة في الوقت نفسه، وقد وصل