للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كلاهما إليها بعد أحداث عنف. لقد وصل نابليون إلى السلطة في ٩ نوفمبر ١٧٩٩ أما إسكندر فتسلمها في ٢٤ مارس ١٨٠١. وكما اقتربا زمانا فقد تباعدا مكانا: كقوتين متواجهتين في خلية فقد مد كل منهما سلطانه حتى مزّقا القارة الأوربية، الأول (نابليون) في أوسترليتز Austerlitz حربا، ثم في تيلسيت Tilsit سلاما. وكان كلاهما يتصارعان على تركيا لأن كليهما كان يفكر في السيطرة على القارة الأوربية، ومفتاحها إسطنبول (القسطنطينية)، وكلاهما أخذ دوره في مغازلة بولندا لأنها معبر إستراتيجي بين شرق (أوربا) وغربها. وكانت حرب ١٨١٢ - ١٨١٣ ذات هدف فقد كانت هي التي ستقرر أي قوة منهما ستسيطر على القارة، وربما تغزو الهند.

لقد واجه إسكندر ابن الرابعة والعشرين في سنة ١٨٠١ هرج القوى العريقة في أساليب الخداع فتذبذبت سياسته الخارجية لكنه كان يمد مجال حكمه بشكل متكرر. وتغيرت مواقفه من تركيا بين الحرب والسلام وضم جورجيا في سنة ١٨٠١ وألاسكا Alaska في سنة ١٨٠٣ وتحالف مع بروسيا في ١٨٠٢ ومع النمسا في ١٨٠٤ ومع إنجلترا في ١٨٠٥. وفي سنة ١٨٠٤ رفع له وزير خارجيته خطة لتقسيم الإمبراطورية العثمانية وامتدح جهود نابليون في فترة القنصلية وأدانه لإعدامه دوق دنجين d'Enghien دون محاكمة متأنية، وانضم للنمسا وبروسيا في حرب مدمرة ضد المغتصب (نابليون) (١٨٠٥ - ١٨٠٦) ثم قابله وقبله في تيلسيت (١٨٠٧) واتفق معه على أن نصف أوربا يكفي الواحد منهم، حتى إشعار آخر.

وغادر كل منهما تيلسيت وهو مقتنع أنه حقق نصرا دبلوماسيا كبيرا، وحث نابليون القيصر إسكندر على التخلي عن إنجلترا والتحالف مع فرنسا وتقوية الحصار القاري بمنع دخول البضائع البريطانية. وقد أنقذ إسكندر مملكته من غزو مدمر بالتخلي عن حليف والتحالف مع حليف أقوى، وأمن لنفسه حرية التصرف مع السويد وتركيا، فقد كان جيشه الرئيس مبعثرا في فريدلاند Friedland. لقد امتدح الجيش الفرنسي والعاصمة الفرنسية انتصارات نابليون العسكرية والدبلوماسية، أما إسكندر فعندما عاد إلى سان بطرسبرج وجد كل من فيها تقريبا - الأسرة المالكة والبلاط والنبلاء ورجال الدين والتجار والعامة - مصدومين لأنه - أي إسكندر - وقع اتفاق سلام مهين مع مدع لص ملحد ونشر بعض