الكتاب - مثل ف. ن. جلينكا Glinka وكونت فودور روستوبشين Rostopchin (حاكم موسكو في وقت لاحق) مقالات يوضحون فيها أن سلام تيلسيت مجرد هدنة ووعدا بأن الحرب ستنشب من جديد ضد نابليون في الوقت المناسب وستنتهي - أي هذه الحرب - بتدميره نهائيا.
وانضمت طبقة رجال الأعمال إلى المهاجمين لمعاهدة السلام ما دامت تعني قيام روسيا بإحكام الحصار القاري إذ كان التبادل التجاري تصديراً واستيرادا مع بريطانيا مسألة حيوية لتحقيق الرخاء، وكان منع هذه التجارة يعني تدمير التجار ورجال الأعمال وإرباك اقتصاد البلاد خاصة وأن حكومة روسيا كانت قد اقتربت من الإفلاس في سنة ١٨١٠.
واهتزت ثقة إسكندر فأحكم قبضته وأعاد فرض الرقابة على الأحاديث والصحافة وألغى خطته الإصلاحية واستقال وزراؤه الليبراليون - كوشبي Kochubey وتشارتوريسكى Czartoryski ونوفوسيلستوف Novosilstov - وغادر اثنان منهم روسيا. وكان إسكندر قد اتخذ في سنة ١٨٠٩ مستشارا أثيرا لديه وهو إصلاحي مندفع افترض أن القيصر مقبل على تكوين حكومة دستورية (ونعني به الكونت ميخائيل ميخائيلوفتش سبيرانسكي Speransky) وذلك في محاولة أخيرة من إسكندر لتحرير نفسه من التيار المحافظ المحيط به.
كان الكونت ميخائيل سبيرانسكى ابنا لقس في إحدى القرى. ولد في سنة ١٧٧٢، وطور شغفه بالعلوم ووصل إلى درجة أستاذ الرياضيات والفيزياء في معهد سان بطرسبرج ولفتت جهوده تشاريفتش إسكندر فتم تعيينه في وزارة الداخلية التي كان على رأسها في ذلك الوقت كوشبي. فأظهر قدرة على العمل بجد شديد وتقديم التقارير الواضحة حتى إن القيصر عينه للإشراف على تقنين القوانين الروسية (تنظيمها وتقسيمها إلى مواد)، وعندما انطلق إسكندر للقائه الثاني مع نابليون اصطحب معه سبيرانسكي كصاحب أوضح رأس في روسيا (المقصود أن تفكيره واضح). وثمة رواية غير مؤكدة مؤداها أن إسكندر عندما سأله عن رأيه في أحوال الدول الواقعة تحت سيطرة نابليون أجاب:"إن لدينا رجالاً أفضل، ولديهم مؤسسات أفضل" وعندما عادا