الفرنسيين الذي يَعِسُّون بينهم وهؤلاء الجامعين لتعويضات الحرب الذين يستنزفونهم، وليهبوا أقوياء أحراراً كما كانوا في ظل فريدريك وليصبحوا حصناً للحرية الألمانية.
وكان يكمن خلف هذا الامتعاض والتمرد ذي الأصول المشتركة، الأخبارُ المدهشة التي مُفادها أنّ روسيا لم تهزم فحسب جيش هذا الكورسيكي Corsican الذي كان من المفترض أنه لا يُهزم، ولم تطرد - فحسب - الجيش الفرنسي من فوق التراب الروسي، وإنما كانت تتعقّبه عبر الحدود إلى دوقية وارسو (فرسافا) Warsaw الكبيرة، وكانت (أي روسيا) تدعو قلب أوروبا للانضمام إليها في حرب مقدسة للإطاحة بالمغتصب (نابليون) الذي جعل من فرنسا مركزاً لطغيانه في القارة الأوروبية.
وفي ١٨ ديسمبر سنة ١٨١٢ (وهو اليوم الذي وصل فيه نابليون المهزوم إلى باريس) غادر إسكندر سان بطرسبرج. وفي الثالث والعشرين من الشهر نفسه وصل إلى فيلينا Vilna وشارك كوتوزوف وجيشه الاحتفال بالنصر. لقد كان هذا الجيش قد عانى كثيراً خلال مسيرته لإزعاج الفرنسيين المغادرين لبلاده. لقد مات مائة ألف وجُرِح خمسون ألفاً، وهرب أو فُقِد خمسون ألفاً. وامتدح إسكندر جنراله علناً، لكنه تشكك في قيادته في مجالسه الخاصة، لقد قال للسير روبرت ويلسون Robert Wilson (إن جاز لنا أن نصدق السير روبرت):
"كل ما فعله ضدَّ العدو أنه كان يُقاد بحكم الظروف. لقد انتصر رغم أنفه .. إنني لن أترك الجيش مرة أخرى لأنني لا أريد أن يتعرض لأخطار مثل هذه القيادة".
ومع هذا فقد مُنح المقاتل المُرهق أعلى الأوسمة العسكرية الروسية: وسام الصليب الكبير لجماعة Order القديس جورج (العسكرية).
وكان إسكندر - بسبب تحقّق نبوءته - مقتنعاً بأنه - بشكل أو آخر - ملهم من السماء، فلم يأنس لتردّد جنراله، وتولّى القيادة العليا لجيوشه المتحدة بنفسه، وأصدر الأوامر لها بالتوجّه إلى الحدود الغربية. وتحاشى المرور بكفونو Kovno (لأنها كانت مواجهة لبولندا التي كانت لا تزال مُعادية)، وواصل طريقه على طول نهر النيمن Niemen إلى تورجِّن Tauroggen حيث كان الجنرال جوهان يورك فون فارتنبورج Johann Yorck Von Wartenburg على رأس قوة بروسية فسمح للروس بعبور النهر إلى بروسيا الشرقية (٣٠