للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالحرب إلى حدّ الجنون. لقد حَفّوه حارسين له إلى قصر الحاكم الذي أصبح لابد، الآن، يكتسي بالأبهة الإمبراطورية. وطوال التسعة شهور التالية كان على نابليون أن يكون إمبراطورا على جزيرة مساحتها ٨٦ ميلا وسكانها ١٢،٠٠٠ نفس. وأحاط نفسه بكل مظاهر العظمة - ملابس فاخرة وحرس ملكي وحجّاب وياورات وخدم وحشم وموسيقيين ومائة حصان وسبع وعشرين عربة، وربما كان هذا في جانب منه لإيمانه بأن المظاهر هي لعبة الحكم.

وفي ٢٦ مايو أتى ٤٠٠ عضو من أعضاء الحرس القديم لخدمته كنواة لجيش مصغّر. وأتى نحو مائتي متطوع من فرنسا كما أتاه متطوعون آخرون من إيطاليا وكورسيكا فسرعان ما أصبح لديه نحو ١،٦٠٠ مقاتل مستعدين للحرب في مواجهة أية محاولة لإيذاء إمبراطورهم المحبوب رغم كراهية آخرين له. وليتمتع بمزيد من المناعة حصّن الميناء ونظّم أسطولا - سفينة كبيرة بصاريين (السفينة إنكونستانت Inconstant) وأربع سفن صغار، وكانت كلها مسلّحة.

كيف أمكنه تمويل كل ذلك، وغير ذلك من الأعمال العامة والمشروعات التي حسّن بها أحوال الجزيرة؟ لقد كانت معاهدة فونتينبلو قد ضمنت له مبلغاً سنوياً يأتيه من فرنسا، لكن ذلك لم يحدث، ولم يتلق المبلغ. لقد كان نابليون على أية حال قد أحضر معه ٣،٤٠٠،٠٠٠ فرنك ذهباً وفضة، وجمع ٤٠٠،٠٠٠ ليرة سنوياً من الضرائب وعوائد أخرى. وبعد انقضاء نصف عام راح يفكر في كيفية مواجهة هذه النفقات إذا مكث في الجزيرة أكثر من عام.

وظل لفترة سعيداً بشكل معقول، واضعاً في اعتباره أساليبه الموسّعة (المقصود خططه طويلة المدى)، وفي ٩ مايو كتب إلى ماري لويز:

"وصلت هنا منذ خمسة عشر يوماً. لقد اتخذت لي محلَّ إقامة جميلا .. صحتي على ما يُرام. المنطقة (الجزيرة). مقبولة. لا ينقصني سوى أخبار منك وتأكيدات بأنك على خير ما يرام .. إلى اللقاء يا حبيبتي. قبلة لابني".

وكان ابن آخر مع أمه الكونتيسة المخلصة فالفسكا Walewska من بين أوَّل من زاره، وظن البحارة والمواطنون أنها الإمبراطورة، فرحبوا بها كما يجري الترحيب بإمبراطورة. وانزعج