نابليون فقد كان يأمل أن تلحق به زوجته (ماري لويز) وابنه ملك روما، فاستراح ليوم أو يومين بين ذراعي فالفسكا ثم طردها برفق متعلِّلا بالأحوال. وربما تكون ماري لويز قد سمعت إشاعات مبالغاً فيها عمّا جرى في هذين اليومين.
وفي أكتوبر أتت أمه وأخته بولين للإقامة معه. وقدّمت له بولين جواهرها والتمست عنده الأعذار لما ظهر من مورا Murat من عدم ولاء. واهتمت به أمه اهتماما مفعماً بالعاطفة، وواسته وقدَّمت له كل مدّخراتها. وظلت أمه وأخته معه رغم افتقادهما حيوية الحياة الإيطالية.
ويمكننا أن نتصّور كم كان يعاني بعد الشهور القليلة الأولى من المجال الصغير للجزيرة، وضيقها عن إمكاناته الكبيرة وأحلامه العظيمة. وحاول أن يهرب من الملل بالانهماك في النشاط البدني، لكن ما كان يمضى يوم حتى تأتيه أخبار من البر الأوربي تزيده اضطرابا وتحول بينه وبين الاستقرار.
لقد أخبره مينيفال Meneval الذي كان في خدمة ماري لويز في فيينا عن المناقشات التي جرت في المؤتمر (مؤتمر فيينا) بخصوص إبعاده عن جزيرة إلبا إلى مكان أبعد ضمانا لأمن أوربا وأضاف قائلا له إن المؤتمر ربما ينتهي في ٢٠ فبراير. وأخبره آخرون باستياء الجيش الفرنسي، ومخاوف الفلاّحين وهياج اليعاقبة وعودة نظم العبادة الكاثوليكية إلى قوتها الأولى. وفي فبراير ١٨١٥ أرسل له هوج مار Hugues Maret (دوق باسانو Duc de Bassano) رسالة حملها فلوري دي شابولو Fleruy de Chaboulon يؤكد له فيها كل هذه التقارير.
واندهش لهذه التقارير التي أنعشت فيه الآمال بنهاية أكثر نبلاً من الموت بسبب الفراغ والعزلة، فأخبر أمه بنواياه وطلب منها النصح، فاعتراها القلق من أنها لو تركته الآن يذهب فلن تراه مرة أخرى أبدا، فقالت له:"دعني أنعم بالأمومة لفترة وبعدها سأقول لك رأيي"، لكنها علمت أنه كان قد قررّ بالفعل أن يقوم بمغامرته الأخيرة. فقالت:"له اذهب يا ولدي لتنفيذ ما كتبه القدر لك".
لقد شعر أنّ عليه أن يعمل بسرعة. فإن انقضى وقت قصير قد لا يكون لديه الوسائل التي يدفع منها لهؤلاء الفرنسيين البالغين ألفا الذين خدموه والذين يجب أن تستمر