للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعوام يقفون إلى جانبه - على نحو أو آخر - من باريس إلى كان، لكن أهل بروفانس Provence يقفون ضدّه.

وكان نابليون يعرف ذلك جيدا فتذكر تجاربه المريرة في أورجون Orgon قبل ذلك بأحد عشر شهرا، والآن فإن هذه الذكريات حدّدت طريقه إلى باريس. لقد اختار أن يْسلك الطريق الجبلي من كان إلى جراس Grasse، ودِنْي Digne وجرينوبل Grenoble وليون وكانت المنطقة إلى الجنوب من جرينوبل غير كثيفة السكان كما كانت الحاميات فيها قليلة العدد، وكانت مناطق معروفة بعدم موالاتها للبوربون. وكانت الجبال التي سيتعين مرورهم فوقها لازالت مغطاة بالجليد، وقد يتذمر من ذلك حرسه القديم ورماة القنابل، لكنهم لن يتخلّوا عنه.

وهكذا، في نحو منتصف ليلة الأول من مارس انطلق بجنوده البالغين ١١٠٠ في الطريق إلى كان. وكان نحو ستين منهم قد تمكنوا من شراء خيول، لكن كان عليهم أن يحفظوا المسافة والأُلفة بينهم وبين الباقين، ولهذا ساروا إلى جانب الركائب الحاملة للأمتعة. وعادة ما كان نابليون يركب عربة، وفي وسط الركب كان هناك حرس يحرس ذهب نابليون، كما كان هناك عدد من الكورسيكيين الصارمين يحمون المؤخرة.

وفي جراس تركوا مدفعهم لفرط ضخامته لأنه سيسبب مشكلة في طرق جبلية يجلّلها الجليد. وقطع المحاربون القدماء الذين اعتادوا كسب المعارك بسيقانهم (المقصود بسرعة حركتهم) مسافات طيبة، وفي الخامس من مارس وصل الرَّكب إلى جاب Gap بعد أن كان غالبهم قد قطع ١٥٠ ميلاً في أربعة أيام. وعند لامور La Mure (٢٠ ميلا إلى الجنوب من جرينوبل) واجهوا أوّل تحدٍ خطير.

لقد كان قائد القسم الخامس في الجيش المتمركز في جرينوبل قد تلقّى أوامر من باريس بالقبض على نابليون فأرسل كتيبة من ٥٠٠ جندي لوقف المتمردين الذين اقتربوا. وعندما اقتربت الكتيبة المعترضة وتقارب أفرادها أمر نابليون رجاله بإلقاء أسلحتهم (تنحيتها جانبا) وتقدم هو إلى الصدراة وترجّل متقدما إلى الجنود (المهاجمين) واقترب منهم، وتوقف إزاءهم وخاطبهم: "يا جنود القسم الخامس، أنا إمبراطوركم، ألا تعرفونني؟! "،