وكشف عن معطفه العسكري ثم قال:"إن كان بينكم جندي يريد أن يقتل إمبراطوره، فها أنا ذا"، فخفض غالبهم أسلحتهم (نحوُّها جانبا) وصاحوا: "عاش الإمبراطور" وتفرقت الكتيبة وتجمع جنودها حول نابليون سعداء محاولين لمسه، فتحدث إليهم نابليون بعاطفة جيَّاشة وعاد إلى جيشه الصغير، وهناك قال:"إن الأمور قد استقرّت وسنصبح في غضون عشرة أيام في التوليري".
وفي تلك الليلة اقتربوا من جرينوبل فتجمهر مئات الفلاحين والبروليتاريا للترحيب بنابليون، وعندما وجدوا إحدى بوابات المدينة مغلقة كسروها ليتمكن جيشه الصغير من العبور، وترك رجاله المرهقين لينالوا قسطا طيبا من الراحة حتى ظُهر اليوم التالي، وذهب هو نفسه إلى فندق تروا دوفين Trois Dauphins (الدلافين الثلاثة)، فرحب به رئيس المجلس البلدي ومسئولو الإدارة، بل وجاء القادة العسكريون لتحيته.
وفي الصباح أقبلت إليه وفود أكبر طالبة منه أن يتعهَّد بحكومة دستورية. لقد كان يعلم أنّ جرينوبل كانت في طليعة الثورة وأنها لم تفقد أبداً تعطّشها للحرية فحدّثهم حديث من ترك أفكار تركز السلطة في يد الحاكم (الحكم الاستبدادي) ووعدهم بالإصلاح. لقد اعترف أنه كان أسرف في استخدام السلطة وأنه كان قد سمح للحرب التي كانت دفاعية في الأساس لتصبح موجّهة للغزو فاستنزفت فرنسا تقريبا، ووعد أن يقدم لفرنسا حكومة نيابية على وفق مبادئ ١٧٨٩ و ١٧٩٢. وقال لهم إن:"أعزّ أمانيه الآن هو أن يُعد ابنه ليكون زعيما ليبراليا جديرا بحكم فرنسا المتنوّرة".
وبعد ظهر هذا اليوم (٨ مارس) أمر أتباعه بمواصلة مسيرتهم لأنه سيبقى يوما آخر في جرينوبل لإصدار توجيهات للمدن التي قبلت قيادته لكنه وعد جماعته بالانضمام إليهم ثانية في الوقت المناسب لمساعدتهم في تحقيق انتصارات سلمية. وفي العاشر من مارس انضم إليهم وقادهم إلى ليون.
وقبيل هذا الوقت، وصلت أخبار مغامرة نابليون إلى لويس الثامن عشر، فلم ينزعج في البداية، وشعر بالثقة في أن هذا المتَّهم (نابليون) سُرعان ما سيتم إيقافه. لكن عندما استمرت مسيرة نابليون واقتربت من جرينوبل - المعروفة بعدائها للبوربون - أصدر (أي