وحقيقة الأمر أن البروسيِّين كانوا هم القادمين. لقد كسر بولو (بولوف Bulow) (البروسي) مقاومة لوبو Lobau (الفرنسي) وراح يقترب بسرعة من مسرح العمليات الرئيسية، كما كانت قوتان بروسيتان أخريان تقتربان. ورأى نابليون أنّ فرصته الأخيرة هو أن يهزم الإنجليز قبل أن يتمكّن البروسي من التدخّل، فدعا حرسه القديم ليتبعه في معركة حاسمة، واتخذ هارب فرنسي طريقه إلى ولينجتون وحذّره ستصل إليك قوات الحرس الفرنسي في غضون نصف ساعة. وفي نحو هذا الوقت رأى رجل مراقبة بريطاني - نابليون، وقال:"ها هو نابليون يا سيدي أظن أنني أستطيع اصطياده، هل أطلق عليه النار"؟ فمنعه الدوق:
"لا .. لا .. فالجنرالات الذين يقودون الجيوش، لديهم ما هو أهم من إطلاقهم النار بعضهم على بعضهم الآخر".
وهنا ظن الفرنسيون أنّهم الغالبون، لكنهم علموا فجأة بهجوم ٣٠،٠٠٠ جندي بروسي راحوا ينشرون الفزع والفوضى في صفوف الفرنسيين. وعندما شرع ني Ney في مواصلة مهمته تماسكت القوات البريطانية بسرعة وتراجع ني Ney، وانتهز ولينجتون هذه الفرصة فصعد قمة منحدر وراح يلوّح بقبعته - كإشارة متّفق عليها لتتقدَّم قواته كلها، وواصلت الطبول والأبواق توصيل الرسالة، فتحوّل ٤٠،٠٠٠ إنجليزي واسكتلندي وبلجيكي وألماني من الدفاع إلى الهجوم واندفعوا متقدمين لا يهابون الموت. ووهنت الروح المعنوية للفرنسيين وعمهم الانهيار فولّوا مُدْبرين، حتى أفراد الحرس القديم بدءوا يُديرون رؤوس خيولهم متراجعين.
وصاح نابليون مُصدرا الأوامر بالتوقف فذهب صوته أدراج الرياح وسط الجلبة، ولم يعد من الممكن تمييزه (التعرف عليه) بسبب دخان المعركة والأتربة المتصاعدة فاستسلم لهذا الاستفتاء العام (بمعنى أنه أذعن للتحركات العفوية لقوّاته) فأمر بالانسحاب في تشكيلات لكن القوات الفرنسية التي كانت تتعرض لهجوم من قوات تفوقها عدداً بكثير، من المقدمة ومن الجانب - لم يكن لديها الوقت لتنظم نفسها في تشكيلات، فأصبح شعار كل فرد فيها "دع كل فرد يُنقذ نفسه بقدر ما يستطيع" لقد أصبح هذا هو الشعار السائد سواء نطقوا به أم لا، ذلك أنهم لم يعودوا جنودا بل بشراً ليس إلَّا ووسط